( 16 ) فالإرشاد في كل خطوة لا بد منه ، وهذا هو الصراط الدقيق الخفي ، لا الذي ظنه عمى القلوب أتباع المذهب الردى ولن ينجو منه إلا من نجاه الله بفضله وهداه . نعم ، وكان في نفس الخطاب دليل من الهدى لأولي النهى ، على أن الهدى لا يتناهى وإنه لا سبيل إليه مع المطلوب منه قيامه ، والمسئول عنه يوم القيامة إلا بالله تعالى ، فينبغي ألا يكون له هم إلا فيه ولا إقبال إلا عليه ، فإنه الكمال الروحاني من الجنس الإنساني في التعلق الاضطراري ، والانقطاع الكلي في كل نفس وحال ، مع المبادرة إلى السؤال والتذلل والتخشع والإخبات في الأعمال ، والتبتل في التضرع والابتهال ، يل فيه إشعار صريح بأن العارف لا يقر قراره ، ولا يزال مع الله اضطراره ، ولذلك تراه مع كونه من السائلة فيه يطالبه أن يرشده فيدله عليه رغبة في الوصال ، ورهبة من الانقطاع في المال بأسباب الضلال ، لكن زاده على طريق البدل ، تأكيدا له وبيانا ، لما رآه بالقلب عيانا ، إن عليه وله إليه برهانا .
صفحة ٢٤