( 14 ) والثاني المكتسب الشرعي على قسمين ، وكلاهما يتأديان إلى الغريزة ، ومنها إلى نور البصيرة في الناس ، من مداخل الحواس . لكن أحدهما الروحي ، والمتلقيله من الموحي إليه ، والكتاب والسنة والإجماع والآثار عن أهل العلم من المسلمين الأبرار .والقياس المجرد عن الاحتباس فإنه نوع هدى ، وإن الإمامية من الشيع أنكرته أصلا ، وأبطلته جهلا ، فهو حق لأنه من نتائج ذلك ، فالأول رتبة الرسل من الأنبياء ، والوسطى درجة الصحابة الفهماء . والثالثة الأخرى مبلغ التابيعين من العلماء . والقياس يختص به أهل العلم الفطنة من الفقهاء . والثاني ما وراء هذا من المواد الحسية الاختيارية والاضطرارية ، التي بها يكتسب العقل بالآية ، ويستمدها لحياته مما سطرته يد القدرة الربانية ، بالأقلام النورانية ، من الحكم الإلهية ، على صفحات ألواح عالم الملك والمؤدى من به اهتدى ، فإنه به أدلة تغمس المستدل بها في دأماء الإيمان اليقين ، ويخرجه من دجى هيكل هيولى ذاته ويسقيه شربة من رحيق المعرفة التوحيدية تبرئة من العيب ، فتعافي من كل داء دفين في الباطن المقتضى لوجود الصحة في الظاهر ، وتبرد غليل القلب من حر العمى ، ونار الهوى ، فلا يظمأ بعدها أخرى أبدا . وتجلى صدى الشك وغشاوة النفاق وظلمة الشرك ، فيضيء القلب لمزيد نور العقل ، وبنور ستر المعرفة منه لربه ونفسه ودنياه وآخرته .
صفحة ٢١