وإذا قيل لهم} أي للناس، {اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا} وجدنا {عليه آباءنا} فإنهم كانوا خيرا منا وأعلم، فرد الله عليهم بقوله: {أولو كان آباؤهم} معناه التعجب: أيتبعونهم ولو كان آباؤهم!... {لا يعقلون شيئا} قطعا من أمر دينهم ودنياهم لأنهم لا يعقلون عاقبة شيء ولما خلق له ذلك الشيء من جميع المخلوقات، وإنما هو كالبهائم التي لا تسمع {إلا دعاء ونداء، صم بكم عمي فهم لا يعقلون} «شيئا»: من الأشياء نفى عنهم عن (¬1) أن يعقلوا شيئا، لأنهم وإن عقلوا ما عقلوه من غير الدين لم ينتفعوا به في دينهم إذ لم يعقلوا جميع اللوازم، لأن الدين لا يتجزأ، ولذلك (¬2) في قوله تعالى: {لا يعلمون شيئا} (¬3) . {ولا يهتدون(170)} (لعله) لشيء من الصواب.
{ومثل الذين كفروا} أي: ومثل داعي الذين كفروا، {كمثل الذي ينعق} يصيح، {بما لا يسمع إلا دعاء ونداء} والمعنى أنهم لا يسمعون من الدعاء إلا جرس النغمة ودوي الصوت، من غير إصغاء أذهان ولا استبصار، كالبهائم التي لا تسمع إلا نداء الناعق ونداء الذي هو تصويت [41] لها وزجر لها، ولا تفقه شيئا آخر كما يفهم العقلاء؛ والنعيق: التصويت، يقال: نعق المؤذن ونعق الراعي بالضأن؛ والنداء: ما يسمع، والدعاء قد يسمع وقد لا يسمع. {صم بكم عمي} عن الحق، {فهم لا يعقلون(171)} الموعظة.
{
¬__________
(¬1) - ... كذا في الأصل، ولعل الصواب: - «عن».
(¬2) - ... كذا في الأصل، ولعل الصواب: «ومثل ذلك».
(¬3) - ... في قوله تعالى: {أولو كان آباؤهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون}. سورة المائدة: 104.
صفحة ٨٨