{ وإذ قلتم: يا موسى لن نصبر على طعام واحد} قيل: هو ما رزقوه من المن والسلوى؛ {فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها} هو ما أنبتته الأرض من أطايب البقول مما يأكله الناس، {وقثائها} قيل: الخيار، {وفومها} قيل: الحنطة أوالثوم، وقيل: الحبوب التي تؤكل كلها؛ {وعدسها وبصلها قال: أتستبدلون الذي هو أدنى} أقرب منزلة وأدون مقدارا، {بالذي هو خير} أرفع وأجل، {اهبطوا مصرا} من الأمصار، {فإن لكم ما سألتم} أي الذي سألتموه يكون في الأمصار لا في التيه، ويحتمل سؤالهم هذا لمباشرة الأسباب، وهم قد أمروا بالعبادة والانقطاع فيها، والله أعلم بتأويل كتابه؛ ويدل على أنهم منقطعون عن الأمصار بدليل قوله: {اهبطوا مصرا}. {وضربت عليهم الذلة} أي جعلت الذلة محيطة بهم، مشتملة عليهم، فهم فيها يعمهون؛ {والمسكنة} أي الهوان والفقر، أو فقر القلب؛ سمي الفقير مسكينا لأن (¬1) الفقر أسكنه وأقعده عن الحركة، وقيل: الذلة فقر القلب، {وباءوا بغضب من الله} أي صاروا [17] أحقاء بغضبه، {ذلك} إشارة إلى ما تقدم من ضرب الذلة والمسكنة والغضب، {بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين } أي ذلك بسبب كفرهم وقتلهم الأنبياء، وقتلهم لهم يخرج على معنيين: قتلهم بتفويت أرواحهم، وقتلهم بالتخطئة لدينهم كما جاء عن النبيء - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «خلع المؤمن كقتله، ومن خلع مؤمنا فقد قتله} (¬2) ، وهذ أعم من الناس في بعضهم بعض. والنبيء بمعنى النبأ (¬3)
¬__________
(¬1) - ... في الأصل: «الان».
(¬2) - ... لم نعثر عليه في الكتب التسعة، وإنما الوارد في الحديث «...لعن المؤمن كقتله ومن رمى مؤمنا بكفر فهو كقتله». البخاري كتاب الأدب، حديث رقم: 5640.
(¬3) - ... كذا في الأصل، ولعل الصواب: «المنبئ»..
صفحة ٤٧