216

التفسير الميسر لسعيد الكندي

تصانيف

إنما التوبة} هي من “تاب الله عليه” إذا قبل توبته، أي: إنما قبولها {على الله}، وليس المراد به الوجوب، إذ لا يجب على الله شيء، ولكنه تأكيد للوعد، يعني أن يكون لا محالة كالواجب الذي لا يترك. {للذين يعملون السوء} الذنب، لأنه تسوء عاقبة فاعله ومرتكبه، {بجهالة} أي: يعملون (¬1) السوء جاهلين سفهاء، لأن ارتكاب القبيح يدعو إلى السفه. وقيل: من عصى الله فهو جاهل حتى ينزع عن جهالته، وقيل: جهالته اختياره اللذة الفانية على اللذة الباقية، وقيل: لم يجهل أنه ذنب ولكن جهل كنه عقوبته. {ثم يتوبون من قريب} وهو قبل معاينة أحوال الموت؛ {فأولئك يتوب الله عليهم} وعد وإعلام بأن الغفران كائن لا محالة، مهما كانت التوبة في ذلك الوقت لأنها تكون باختيار العبد لا اضطرارا (¬2) ، حتى يعاين أحوال الهلاك، فإذا تاب في ذلك الحين فإنها تكون اضطرارا (¬3) . {وكان الله عليما} بعزمهم على التوبة، {حكيما(17)} حكم بأن يكون الندم توبة.

{وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال: إني تبت الآن} أي: ولا توبة للذين يذنبون ويسوفون توبتهم إلى أن يزول حال التكليف، بحضور أسباب الموت لأنها توبة اضطرار، ولا تصح التوبة إلا لمختار لأنها عمل، {ولا الذين يموتون وهم كفار} قيل: هم المشركون والمنافقون. {أولئك أعتدنا لهم عذابا أليما(18)} هيأنا، من العتيد وهو الحاضر.

{

¬__________

(¬1) - ... في الأصل: «يعلمون»، وهو خطأ.

(¬2) - ... في الأصل: «لاضطرارا»، وهو خطأ.

(¬3) - ... في الأصل: «اضطرار»، وهو خطأ، فهو خبر “تكون” منصوب.

صفحة ٢١٦