ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة؛ ثم يقول للناس: كونوا عبادا لي من دون الله} ما يصح منه ذلك، ولكن يصح منه أن يقول: {ولكن كونوا ربانيين} أي: ولكن يقول: كونوا علماء حكماء، والربانيين معلمين عاملين، {بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون(79)} بسبب كونهم عالمين، وبسبب كونهم دارسين للعلم، كانت الربانية التي هي قوة التمسك بطاعة الله، مسببة عن العلم والدراسة ؛ وكفى به دليلا على خيبة سعي من جهد نفسه في جمع العلم ثم لم يجعله ذريعة إلى العمل؛ فكان كمن غرس شجرة حسناء، تؤنقه بمنظرها، ولا تنفعه بثمرتها؛ وقيل معنى يدرسون: يدرسونه على الناس، كقوله: {لتقرأه على الناس} (¬1) .
{ولا يأمركم} معناه: ما كان لبشر أن يستنبئه الله، ونصبه (¬2) للدعاء إلى اختصاص الله بالعبادة وترك الأنداد، ثم يأمر الناس أن يكونوا عبادا له؛ ويأمركم {أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا، أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون(80)}؟
{
¬__________
(¬1) - ... سورة الإسراء: 106. وتمامها: {وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا}.
(¬2) - ... كذا في الأصل، ولعل الصواب: «وينصبه».
صفحة ١٦٤