156

التفسير الميسر لسعيد الكندي

تصانيف

فنادته الملائكة، وهو قائم يصلي في المحراب} قال ابن عطاء: «ما فتح الله على عبده حالة سنية إلا باتباع الأوامر وإخلاص الطاعات، ولزوم المحاريب». {أن الله يبشرك بيحيى مصدقا بكلمة} بآية {من الله وسيدا} هو الذي يسود قومه، أي: يفوقهم في الشرف والعلم والعبادة، وقيل: السيد إذا جاد بالمكونين عوضا بالمكون؛ {وحصورا} مبالغة في حبس النفس عن الشهوات والملاهي، وقيل: إنه مر بصبيان يلعبون فدعوه إلى اللعب فقال: «ما للعب خلقت» وقيل: هو الذي لا يقرب النساء مع القدرة حصرا لنفسه، ومنعا لها من الشهوات. {ونبيا من الصالحين(39)}.

{قال رب أنى يكون لي غلام} استعظام للقدرة لا تشكك، {وقد بلغني الكبر وامرأتي عاقر؛ قال: كذلك الله يفعل ما يشاء(40)} من الأفعال الخارقة للعادة.

{قال: رب اجعل لي آية؛ قال: آيتك ألا تكلم الناس} أن لا تقدر على كلام الناس، {ثلاثة أيام إلا رمزا} الإشارة بعضو، أو إنما خص تكليم الناس، ليعلمه أنه يحبس لسانه عن القدرة على تكليمهم، خاصة مع إبقاء قدرته على التكلم بذكر الله ولذا قال: {واذكر ربك كثيرا، وسبح بالعشي والإبكار(41)} يعني: بالتسبيح ، صلاة الفرائض، أو دم في كل وقتك.

{وإذ قالت الملائكة: يا مريم إن الله اصطفاك} اختارك بشارة لها، {وطهرك} مما يستقذر منه الأفعال والأقوال والنيات [68]؛ {واصطفاك على نساء العالمين(42)}.

{يا مريم اقنتي لربك} أديمي (¬1) الطاعة، {واسجدي واركعي مع الراكعين(43)} أي: ولتكن صلاتك مع المصلين في الجماعة، وأنظمي نفسك في جملة المصلين، وكوني في عدادهم.

{

¬__________

(¬1) - ... في الأصل: «ادمي»، وهو خطأ.

صفحة ١٥٦