7 المعارف المتعلقة بالأخلاق الإنسانية، ومن هذا الباب ما يتعلق بمقامات الأولياء في صراط العبودية من الإسلام والإيمان والإحسان والإخبات والإخلاص وغير ذلك.
وأما آيات الأحكام، فقد اجتنبنا تفصيل البيان فيها لرجوع ذلك
إلى الفقه.
وقد أفاد هذه الطريقة من البحث ارتفاع التأويل بمعنى الحمل على المعنى المخالف للظاهر من بين الآيات، وأما التأويل بالمعنى الذي يثبته القرآن في مواضع من الآيات، فسترى أنه ليس من قبيل المعاني.
ثم وضعنا في ذيل البيانات متفرقات من أبحاث روائية نورد ما تيسر لنا إيراده من الروايات المنقولة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأئمة أهل البيت سلام الله عليهم أجمعين من طرق العامة والخاصة، وأما الروايات الواردة عن مفسري الصحابة والتابعين.
فإنها على ما فيها من الخط والتناقض لا حجة فيها على مسلم.
وسيطلع الباحث المتدبر في الروايات المنقولة عنهم (عليهم السلام)، أن هذه الطريقة الحديثة التي بنيت عليها بيانات هذا الكتاب، أقدم الطرق المأثورة في التفسير التي سلكها معلموه سلام الله عليهم.
ثم وضعنا أبحاثا مختلفة، فلسفية وعلمية وتاريخية واجتماعية وأخلاقية، حسب ما تيسر لنا من البحث، وقد آثرنا في كل بحث قصر الكلام على المقدمات المسانخة له، من غير تعد عن طور البحث.
نسأل الله تعالى السداد والرشاد فإنه خير معين وهاد الفقير إلى الله: محمد حسين الطباطبائي
1 سورة الحمد - 1 - 5
بسم الله الرحمن الرحيم (1) الحمد لله رب العلمين (2) الرحمن
الرحيم (3) ملك يوم الدين (4) إياك نعبد وإياك نستعين (5)
بيان
قوله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم الناس ربما يعملون عملا أو يبتدئون في عمل ويقرنونه باسم عزيز من أعزتهم أو كبير من كبرائهم، ليكون عملهم ذاك مباركا بذلك متشرفا، أو ليكون ذكرى يذكرهم به، ومثل ذلك موجود أيضا في باب التسمية فربما يسمون المولود الجديد من الإنسان، أو شيئا مما صنعوه أو عملوه كدار بنوها أو مؤسسة أسسوها باسم من يحبونه أو يعظمونه، ليبقى الاسم ببقاء المسمى الجديد، ويبقى المسمى الأول نوع بقاء ببقاء الاسم كمن يسمي ولده باسم والده ليحيي بذلك ذكره فلا يزول ولا ينسى.
وقد جرى كلامه تعالى هذا المجرى، فابتدأ الكلام باسمه عز اسمه ليكون ما يتضمنه من المعنى معلما باسمه مرتبطا به، وليكون أدبا يؤدب به العباد في الأعمال والأفعال والأقوال، فيبتدءوا باسمه ويعملوا به، فيكون ما يعملونه معلما باسمه منعوتا بنعته تعالى مقصودا لأجله سبحانه فلا يكون العمل هالكا باطلا مبترا، لأنه باسم الله الذي لا سبيل للهلاك والبطلان إليه.
وذلك أن الله سبحانه يبين في مواضع من كلامه: أن ما ليس لوجهه الكريم هالك باطل، وأنه: سيقدم إلى كل عمل عملوه مما ليس لوجهه الكريم، فيجعله هباء منثورا، ويحبط ما صنعوا ويبطل ما كانوا يعملون، وأنه لا بقاء لشيء إلا وجهه الكريم فما عمل لوجهه الكريم وصنع باسمه هو الذي يبقى ولا يفنى، وكل أمر من الأمور إنما نصيبه من البقاء بقدر ما لله فيه نصيب، وهذا هو الذي يفيده ما رواه الفريقان عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: +" كل أمر ذي بال لم يبدأ فيه باسم الله فهو أبتر الحديث "+.
والأبتر هو المنقطع الآخر، فالأنسب أن متعلق الباء في البسملة أبتدىء بالمعنى الذي ذكرناه فقد ابتدأ بها الكلام بما أنه فعل من الأفعال، فلا محالة له وحدة، ووحدة الكلام بوحدة مدلوله ومعناه، فلا محالة له معنى ذا وحدة وهو المعنى المقصود إفهامه من إلقاء الكلام، والغرض المحصل منه.
صفحة ٧