تتعلقان إلا بالذي يملك الأمر كله ، من خلال أنه يملك الوجود كله ، بحيث لا يغيب عنه شيء منه ولا يعجز عن شيء فيه ، ولا يعجزه أحد من المخلوقين . ولا سيما إذا كانت مواقع الرغبة أو الرهبة خارجة من دائرة الحس وداخلة في دائرة الغيب ، مما لا يتمكن أحد من المخلوقين الوصول إليه ، كما هي الجنة والنار.
وإذا كان الأمر كذلك ، فلا بد من وعي مسألة العظمة في عمق مسألة الحاجة ، على أساس أن ذلك هو الذي يجعله أهلا للعبادة ، لأنه الذي يرجع إليه في كل شيء ولا يرجع إلى غيره إلا من خلاله ، ولأنه الذي يخاف منه كل شيء ، ولا يخاف من أحد إلا من خلاله.
وبذلك يختزن الخوف منه والطمع فيه معنى أهليته للعبادة ، الأمر الذي لا يسيء إلى معنى العبادة بل يؤكدها بطريقة أخرى.
وقد جاء في القرآن الكريم التأكيد على استقامة العبادة في هذا الخط ، وذلك كما في قوله تعالى : ( تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا ) [السجدة : 16] وقوله تعالى : ( وادعوه خوفا وطمعا إن رحمت الله قريب من المحسنين ) [الأعراف : 56] وقوله تعالى : ( يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه ) [الإسراء : 57].
وعلى هذا الأساس ، تنطلق التربية الإسلامية لتؤكد على الجانب الإنساني في التطلعات الذاتية التي يعيشها الناس في ما يتحركون فيه من قضايا وأوضاع ، على أساس رغبتهم بما يصلحهم ، وخوفهم مما يفسد أمورهم ، فإن من الصعب عليهم أن يتجردوا عن ذلك في حركة وجودهم المنفتح على العنصر المادي ، من خلال طبيعة الحس المادي في الذات. ولذلك ، فقد انفتح الإسلام على هذا الجانب ، فلم يبعد الإنسان عنه ، ولم يجعله ضد القيمة الروحية ، بل وجهه إلى الارتباط بالله في مواقع الرغبة والرهبة على مستوى
صفحة ٦٧