ساجدين ) [يوسف : 4] ، فهل يمكن أن يكون في سجود يعقوب عليه السلام وزوجته وأولاده لون من ألوان العبادة ليوسف عليه السلام الذي يعيش العبودية لله في أعلى مواقعها ، كما عاشها أبوه عليه السلام في هذا المستوى؟
إن المسألة هي في ما يبدو مسألة التقليد المتبع في احترام صاحب العرش ، الذي يملك السلطة ، في السجود له ، تعبيرا عن الشعور بعظمته وعن التقدير لمقامه الرفيع.
وفي ضوء ذلك ، لا بد من التدقيق في طبيعة الأشكال المتعارفة لدى الناس ، التي تلتقي بشكل أو بآخر بالشكليات الطقوسية للعبادة ، ودراسة خلفياتها الفكرية والروحية في شخصية من يمارسها ، ومعرفة التقاليد الاجتماعية في مسألة الاحترام والتقدير ، في ما تعتاده المجتمعات من طرق تعبير مختلفة ، لنميز بين ما يسيء إلى التوحيد في العبادة ، عند ما تكون الخلفيات مرتبطة بالاستغراق بالشخص أو الجهة ، بحيث يفقد الإنسان الإحساس بوجوده معه ، أو بحضور الله في علو موقعه في المعنى الإلهي التوحيدي فيه ، وبين ما لا يسيء إلى التوحيد ، لأنه ينطلق من حالة عرفية تقليدية في ما هو الاحترام والحب والتعظيم ، لكنها لا تغفل عن الإحساس بعظمة الله في مقام وحدانيته ، في ما تمارسه من أعمال وأقوال.
* * *
** التوحيد والشرك في الجانب التطبيقي
ومن خلال ذلك ، يمكن لنا الإطلالة على الخلاف الدائر بين التيار الوهابي السلفي وبين المذاهب الإسلامية الكلامية الأخرى في مسألة التوسل بالأنبياء وبالأئمة والأولياء والاستشفاع بهم إلى الله والتبرك بقبورهم وما إلى
صفحة ٥٩