(1) - معناه يصدقون والواو في موضع الرفع بكونه ضمير الفاعلين والنون علامة الرفع والأصل في يفعل يؤفعل ولكن الهمزة حذفت لأنك إذا أنبأت عن نفسك قلت أنا أفعل فكانت تجتمع همزتان فاستثقلتا فحذفت الهمزة الثانية فقيل أفعل ثم حذفت من الصيغ الآخر نفعل وتفعل ويفعل كما أن باب يعد حذفت منه الواو لوقوعها بين ياء وكسرة إذ الأصل يوعد ثم حذفت في تعد وأعد ونعد ليجري الباب على سنن واحد قال الأزهري اتفق العلماء على أن الإيمان هو التصديق قال الله تعالى وما أنت بمؤمن لنا أي ما أنت بمصدق لنا قال أبو زيد وقالوا ما أمنت أن أجد صحابة أي ما وثقت فالإيمان هو الثقة والتصديق قال الله تعالى «الذين آمنوا بآياتنا» أي صدقوا ووثقوا بها وقال الشاعر أنشده ابن الأنباري :
ومن قبل آمنا وقد كان قومنا # يصلون للأوثان قبل محمدا
ومعناه آمنا محمدا أي صدقناه ويجوز أن يكون آمن من قياس فعلته فأفعل تقول أمنته فآمن مثل كببته فأكب والأمن خلاف الخوف والأمانة خلاف الخيانة والأمون الناقة القوية كأنها يؤمن عثارها وكلالها ويجوز أن يكون آمن بمعنى صار ذا آمن على نفسه بإظهار التصديق نحو أجرب وأعاه وأصح وأسلم صار ذا سلم أي خرج عن أن يكون جربا هذا في أصل اللغة أما في الشريعة فالإيمانهو التصديق بكل ما يلزم التصديق به من الله تعالى وأنبيائه وملائكته وكتبه والبعث والنشور والجنة والنار وأما قولنا في وصف القديم تعالى المؤمن فإنه يحتمل تأويلين أحدهما أن يكون من آمنت المتعدي إلى مفعول فنقل بالهمزة فتعدى إلى مفعولين فصار من أمن زيد العذاب وآمنته العذاب فمعناه المؤمن عذابه من لا يستحقه من أوليائه ومن هذا وصفه سبحانه بالعدل كقوله قائما بالقسط وهذا الوجه مروي في أخبارنا والآخر أن يكون معناه المصدق أي يصدق الموحدين على توحيدهم إياه يدل عليه قوله شهد الله أنه لا إله إلا هو لأن الشاهد مصدق لما يشهد به كما أنه مصدق من يشهد له فإذا شهد بالتوحيد فقد صدق الموحدين وأما الغيب فهو كلما غاب عنك ولم تشهده وقوله «بالغيب» كأنه إجمال لما فصل في قوله «كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله» أي يؤمنون بما كفر به الكفار من وحدانية الله وإنزال كتبه وإرسال رسله فكل هذا غيب فعلى هذا يكون الجار والمجرور في موضع نصب بأنه مفعول به وفيه وجه آخر وهو أن يكون أراد يؤمنون إذا غابوا عنكم ولم يكونوا كالمنافقين ومثله قوله وخشي الرحمن بالغيب فعلى هذا يكون الجار والمجرور في موضع الحال أي يؤمنون غائبين عن مراءة الناس لا يريدون بإيمانهم تصنعا لأحد ولكن يخلصونه لله و «يقيمون الصلاة» يؤدونها بحدودها وفرائضها يقال
صفحة ١٢٠