189

مجمع البيان في تفسير القرآن - الجزء1

تصانيف

التفسير

(1) - عن قتادة وعطاء وقيل مسلمة من الشية ليس لها لون يخالف لونها عن مجاهد وقيل سليمة من آثار العمل لأن ما كان من العوامل لا يخلو من آثار العمل في قوائمه وبدنه وقال الحسن أنها كانت وحشية «لا شية فيها» قال أهل اللغة لا وضح فيها يخالف لون جلدها وقيل لا لون فيها سوى لونها عن قتادة ومجاهد «قالوا الآن جئت بالحق» أي ظهر لنا الحق الآن وهي بقرة فلان وهذا يدل على أنهم جوزوا أنه قبل ذلك لم يجيء بالحق على التفصيل وإنما أتى به على وجه الجملة وقال قتادة الآن بينت الحق وهذا يدل على أنه كان فيهم من يشك في أن موسى (ع) ما بين الحق «فذبحوها» يعني ذبحوا البقرة على ما أمروا به «وما كادوا يفعلون» أي قرب أن لا يفعلوا ذلك مخافة اشتهار فضيحة القاتل وقيل كادوا لا يفعلون ذلك لغلاء ثمنها فقد حكي عن ابن عباس أنهم اشتروها بملء جلدها ذهبا من مال المقتول وعن السدي بوزنها عشر مرات ذهبا قال عكرمة وما ثمنها إلا ثلاثة دنانير ونذكر هاهنا فصلا موجزا ينجذب إلى الكلام في أصول الفقه اختلف العلماء في هذه الآيات فمنهم من ذهب إلى أن التكليف فيها متغاير وأنهم لما قيل لهم اذبحوا بقرة لم يكن المراد منهم إلا ذبح أي بقرة شاءوا من غير تعيين بصفة ولو أنهم ذبحوا أي بقرة اتفقت لهم كانوا قد امتثلوا الأمر فلما لم يفعلوا كان المصلحة أن يشدد عليهم التكليف ولما راجعوا المرة الثانية تغيرت مصلحتهم إلى تكليف ثالث ثم اختلف هؤلاء من وجه آخر فمنهم من قال في التكليف الأخير أنه يجب أن يكون مستوفيا لكل صفة تقدمت فعلى هذا القول يكون التكليف الثاني والثالث ضم تكليف إلى تكليف زيادة في التشديد عليهم لما فيه من المصلحةو منهم من قال إنه يجب أن يكون بالصفة الأخيرة فقط دون ما تقدم وعلى هذا القول يكون التكليف الثاني نسخا للأول والتكليف الثالث نسخا للثاني وقد يجوز نسخ الشيء قبل الفعل لأن المصلحة تجوز أن يتغير بعد فوات وقته وإنما لا يجوز نسخ الشيء قبل وقت الفعل لأن ذلك يؤدي إلى البداء وذهب آخرون إلى أن التكليف واحد وأن الأوصاف المتاخرة هي للبقرة المتقدمة وإنما تأخر البيان وهو مذهب المرتضى قدس الله روحه واستدل بهذه الآية على جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب إلى وقت الحاجة قال إنه تعالى لما كلفهم ذبح بقرة قالوا لموسى ع «ادع لنا ربك يبين لنا ما هي» فلا يخلو قولهم ما هي من أن يكون كناية عن البقرة المتقدم ذكرها أو عن التي أمروا بها ثانيا والظاهر من قولهم ما هي يقتضي أن يكون السؤال عن صفة البقرة المأمور بذبحها لأنه لا

صفحة ٢٧٥