185

مجمع البيان في تفسير القرآن - الجزء1

تصانيف

التفسير

(1) - إلى الآخر ألا ترى أن المعنى بين هذين الوصفين وهذا واضح واعلم أن الاسم الذي يضاف إليه بين لا يخلو من أن يكون دالا على واحد أو على أكثر من الواحد فإذا كان دالا على الواحد غير دال على أكثر منه عطف عليه اسم آخر لما ذكرنا من أن أصله الافتراق فكما يمتنع أن يقول افتراق واجتماع زيد حتى تضيف إليه ما يزيد به على الإفراد لذلك لا تقول بين زيد حتى تضيف إليه آخر بالواو دون غيرها من الحروف العاطفة وإذا كان الاسم دالا على الكثرة وإن كان مفردا جاز أن يضاف بين إليه وأما قوله «عوان بين ذلك» فإنما أضيف فيه بين إلى ذلك من حيث جاز إضافته إلى القوم وما أشبه ذلك من الأسماء التي تدل على الكثرة وإنما جاز أن يكون قولنا ذلك يراد به مرة الانفراد ومرة الجمع والكثرة لمشابهته الموصولة كالذي وما ألا ترى أن البابين يشتبهان في دلالة كل واحد منهما على غير شيء بعينه فجاز أن يراد به الواحد مرة وأكثر من الواحد مرة ويدل على ما ذكرناه من قصدهم بذلك الجمع وما زاد على الواحد أن رؤبة لما قال له أبو عبيدة في قوله:

فيه خطوط من سواد وبلق # كأنه في الجلد توليع البهق.

إن أردت الخطوط وجب أن تقول كأنها وإن أردت السواد والبلق وجب أن تقول كأنهما قال أردت كان ذلك فعلم به أنهم يقصدون ذلك غير المفرد ويدل عليه أيضا قول القائل:

إن للخير وللشر مدى # وكلا ذلك وجه وقبل

ألا ترى أن كلا لا تضاف إلى المفرد فلو لا أن المراد بذلك غير الإفراد لما أضيف كلا إليه فكذلك القول في «عوان بين ذلك» والمراد بذلك الزيادة على الواحد ألا ترى أنه إشارة إلى ما تقدم من قوله مما دل على الفروض والبكارة وموضع ما من قوله «ما هي» و «ما لونها» رفع لأنه خبر المبتدأ لأن تأويله الاستفهام أي أي شيء هو وأي لون لونها «قال إنه يقول» إنها ما بعد القول من باب إن مكسورة أبدا كأنك لم تذكر القول في صدر كلامك وإنما وقعت قلت في كلام العرب على أن يحكى بها ما كان كلاما يقوم بنفسه قبل دخولها فيؤدي مع ذكرها ذلك اللفظ تقول قلت زيد منطلق كأنك حكيت زيد منطلق وكذلك أن زيدا منطلق إذا حكيته تقول قلت إن زيدا منطلق وقوم من العرب وهم بنو سليم يجعلون باب قلت كباب ظننت فيقولون قلت زيدا منطلقا وقوله «فاقع لونها» ارتفع لونها بأنه فاعل فاقع وهو صفة البقرة مثل صفراء وكذلك «تسر الناظرين» جملة مرفوعة الموضع بكونها صفة

صفحة ٢٧١