234

التفسير الكبير

تصانيف

" لا يمين في غضب ".

وقال بعضهم: هو اليمين في المعصية، لا يؤاخذه الله بالحنث في يمينه ويكفر، وبه قال سعيد بن جبير. وقال غيره: ليس عليه في ذلك كفارة. وقال مسروق في الرجل يحلف على المعصية: (كفارته أن يتوب عنها، وكل يمين لا يحل له أن يفي بها فليس فيها كفارة؛ ولو أمره بالكفارة لأمرته أن يتم على قوله). يدل عليه ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:

" من نذر فيما لا يملك فلا نذر له، ومن حلف على معصية فلا يمين له ".

وعن إبراهيم النخعي قال: (لغو اليمين أن يصل الرجل كلامه بالحلف، كقوله: والله ليأكلن؛ والله ليشربن؛ ونحوها، لا يقصد بذلك اليمين ولا يريد به حلفا، فليس عليه فيه كفارة). يدل عليه ما

" روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بقوم ينتضلون ومعهم رجل من أصحابه؛ فرمى رجل من القوم فقال: والله أصبت؛ والله أخطأت. فقال الرجل الذي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم: حنث الرجل يا رسول الله؟ فقال صلى الله عليه وسلم: " كل أيمان الرماة لغو لا كفارة فيها ولا عقوبة " ".

وقالت عائشة: (أيمان اللغو ما كان في الهزل والمراء والخصومة والحديث الذي لا يعقد عليه القلب). وقال زيد بن أسلم: (هو دعاء الحالف لنفسه، كقوله: أعمى الله بصري إن لم أفعل كذا، أخرجني الله من مالي إن لم آتك غدا).

قوله تعالى: { ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم } أي بما تعمدتم الكذب ؛ وهو أن يحلف على شيء يعلم أنه ليس كذلك. والمعنى: { ولكن يؤاخذكم } بما عزمتم وقصدتم وتعمدتم؛ لأن كسب القلب العقد والنية. قوله تعالى: { والله غفور حليم }؛ أي { غفور } لمن تاب من اليمين الغموس، { حليم } عن الحالف إذ لم يعجل عليه بالعقوبة. وقيل: معناه: { والله غفور } لمن حنث وكفر عن يمينه، { حليم } حين رخص لكم في الحنث ولم يعاقبكم على اليمين على ترك البر.

واللغو في اللغة: الكلام الساقط الذي لا فائدة فيه ولا حكم له، يقال: ألغيت الشيء إذا طرحته. وقد يذكر اللغو ويراد به الكلام الفاحش القبيح، قال الله تعالى:

وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه

[القصص: 55] وقال تعالى:

صفحة غير معروفة