[2.119]
{ إنا أرسلناك } استئناف بيانى ايضا كأنه قال (ص): فما أصنع مع هؤلاء وليس من شأنهم الايقان وقد أمرتنى بدعوتهم؟ - فقال: { إنا أرسلناك بالحق } برسالة حقة او متلبسا بالحق او مسببا رسالتك عن الحق { بشيرا ونذيرا } يعنى شأنك التبشير والانذار قبلوا او ردوا أيقنوا او شكوا، وليس من شكهم وردهم وبال وعقوبة عليك { ولا تسأل عن أصحاب الجحيم } قرء بالنفى مبنيا للمفعول وبالنهى مبنيا للفاعل وعلى قراءة النهى فالمقصود تهويل عذابهم ونارهم لا ما قاله بعض العامة انه نهى للرسول (ص) عن السؤال عن حال أبويه العياذ بالله و { الجحيم } النار الشديدة التأجج وكل نار بعضها فوق بعض وكل نار عظيمة فى مهواتها، والمكان الشديد الحر وجحم من باب منع بمعنى اوقد، ومن باب كرم وفرح بمعنى اضطرم.
[2.120]
{ ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى } عطف على جملة لا تسأل او جملة انا أرسلناك { حتى تتبع ملتهم } اقناط له (ص) عن رضاهم بأنهم لا يرضون عنه الا بما هو محال عنده وردع للمؤمنين عن طلب رضاهم { قل } للمؤمنين { إن هدى الله هو الهدى } لا استرضاء اليهود والنصارى ورضاهم، او قل لليهود والنصارى: { ن هدى الله هو الهدى } لا ما اعتدتموه من الملة المأخوذة من الآباء المهوية لكم بسبب اعتيادها { ولئن اتبعت أهوآءهم } آراء أنفسهم من غير مداخلة العقل او مهوياتهم { بعد الذي جآءك من العلم } بحقية ملتك وبطلان ملتهم وآرائهم { ما لك من الله من ولي ولا نصير } لم يأت بالفاء لكونه جوابا للقسم لا للشرط وهو على " اياك اعنى واسمعى يا جارة " تعريض بأمته (ص).
[2.121]
{ الذين آتيناهم الكتاب } لا للذين اوتوا الكتاب فأشار الى امتيازهم من أهل الكتاب بتشريف نسبة الايتاء الى نفسه يعنى الذين استعدوا بفطرتهم وبقابليتهم المكتسبة لايتاء الكتاب فآتيناهم أحكام النبوة وصور الكتب السماوية مشتملة على معانيها الواقعية والجملة مستأنفة جواب لسؤال مقدر كأنه قيل: فلا يؤمن أهل الكتاب بمحمد (ص) ورسالته او بكتابهم او بكتابه (ص) او بجنس الكتاب ولا يتلوه وهو تسلية للرسول والمؤمنين بأن الذين آتاهم الله الكتاب وكل واحد منهم خير من الف الف من الذين آتاهم الشيطان كتابا { يتلونه } خبر او حال او معترضة جواب لسؤال مقدر قبل تمام الكلام كأنه قيل: ما يفعل من شرفته بايتاء الكتاب؟ - فقال تعالى: { يتلونه حق تلاوته } نسب الى الباقر (ع) أنه قال: يتلون آياته ويتفقهون فيه ويعملون بأحكامه ويرجون وعده ويخافون وعيده ويعتبرون بقصصه ويأتمرون بأوامره وينتهون بنواهيه ما هو والله حفظ آياته ودرس حروفه وتلاوة سوره ودرس أعشاره وأخماسه؛ حفظوا حروفه وأضاعوا حدوده، وانما هو تدبر آياته والعمل بأحكامه؛ قال الله تعالى:
كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته
[ص:29] فالذين آتاهم الله الكتاب وشرفهم بذلك يحزنهم ترك الرعاية والقصور والتقصير فى مراعاته والذين آتاهم الشيطان الكتاب او أخذوه من الآباء بحسب ما اعتادوه او تلقفوه من الرجال بحسب ما تدارسوه فانهم يعجبهم حفظ الرواية ولا يبالون بترك الرعاية { أولئك } العظماء { يؤمنون به } بالكتاب او بمحمد (ص) او بالله على ان يكون فى الكلام التفات ومحل الجملة يعلم بالمقايسة الى الجملة السابقة { ومن يكفر به فأولئك هم الخاسرون } لا خاسر سواهم.
[2.122-123]
قد مضى الآيتان الا ان الآية الاخيرة كانت فيما مضى هكذا
صفحة غير معروفة