الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم } فى الحياة الدنيا قد يفسر الرب بالرب المضاف والملاقاة بملاقاة الرب المضاف من حيث ربوبيته وهى بظهور مثاله على الصدر المعبر عنه فى اصطلاح الصوفية بالفكر وفى لسان الشريعة بالسكينة وهو ظهور صاحب الامر فى العالم الصغير واول مراتب معرفة على بالنورانية وحينئذ فالظن بمعناه فانهم لا يتيقنون ذلك بل يتوقعونه ويرجونه وقد يفسر بملاقاة الرب المضاف فى الآخرة فالظن ايضا بمعناه لانهم لا يعلمون انهم يلاقون ربهم فى الآخرة او يختم لهم بالشر فينكسون فى النار وقد يفسر بملاقاة الحساب والجزاء يعنى بالبعث فالظن بمعنى اليقين، ولما كانت النفس علومها غير معلوماتها بل قد يتخلف المعلومات عنها كثيرا ما يستعمل الظن فيها لمشابهتها بالظنون فى ذلك بخلاف علوم القلب والروح { وأنهم } بعد لقائه فى الحياة الدنيا او بعد بعثتهم ولقاء حسابه فى الآخرة { إليه راجعون } يا بني إسرائيل كرر النداء للتأكيد ولان المراد ببنى اسرائيل هناك كما مضى بنو آدم والمراد بهم هاهنا بنو اسرائيل حقيقة فان المراد اظهار الامتنان بالنعم التى أنعمها عليهم خاصة لكن الغرض التعريض بامة محمد (ص) وسائر الخلق { اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم } ببعثة الانبياء فيكم ودلالتهم لكم الى بعثة محمد (ص) وخلافة وصيه، او المراد من النعمة المضافة جنس النعمة ويكون قوله: { وأني فضلتكم على العالمين } من قبيل عطف التفصيل على الاجمال على الوجه الاخير، ونسبة النعم الى الموجودين مع انها كانت لاسلافهم المعدومين على طريق مخاطبات العرف فانهم ينسبون ما وقع من قبيلة الى بعضهم الذى لم يشاركوهم من جهة المخالفة والموافقة فى الحسب والنسب ، والمراد من العالمين اهل عالمهم الموجودون معهم لا أهل كل عالم حتى يلزم تفضيلهم على أمة محمد (ص).
[2.48]
{ واتقوا يوما } يوم الموت فانه وقت { لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة } فى رفع الموت او تأخيره { ولا يؤخذ منها عدل } فداء يكون بدلا منها بتحمل الموت { ولا هم ينصرون } يعنى ان انجرار الامر الى المدافعة يوم الموت لم يكن لهم ناصر يدفع عنهم روى عن الصادق (ع) هذا يوم الموت فان الشفاعة لا تغنى عنه فاما يوم القيامة فانا واهلنا نجزى عن شيعتنا كل جزاء لنكونن على الاعراف بين الجنة والنار محمد (ص) وعلى (ع) وفاطمة والحسن (ع) والحسين (ع) والطيبون من آلهم فنرى بعض شيعتنا فى تلك العرصات؛ فمن كان منهم مقصرا وفى بعض شدائدها نبعث عليهم خيار شيعتنا كسلمان والمقداد وأبى ذر وعمار ونظرائهم فى العصر الذى يليهم فى كل عصر الى يوم القيامة فينقضون عليهم كالبزاة والصقور ويتناولونهم كما يتناول البزاة والصقور صيدها فيزفونهم الى الجنة زفا وانا لنبعث على آخرين من محبينا خيار شيعتنا كالحمام فيلتقطونهم من العرصات كما يلتقط الطير الحب وينقلونهم الى الجنان بحضرتنا؛ وسيؤتى بالواحد من مقصرى شيعتنا فى أعماله بعد ان قد حاز الولاية التقية وحقوق اخوانه ويوقف بازائه مائة واكثر من ذلك الى مائة الف من النصاب فيقال له هؤلاء فداؤك من النار فيدخل هؤلاء المؤمنون الجنة واولئك النصاب النار، وذلك ما قال الله عز وجل
ربما يود الذين كفروا
[الحجر: 2] يعنى بالولاية
لو كانوا مسلمين
[الحجر: 2] فى الدنيا منقادين للامامة ليجعل مخالفوهم من النار فداءهم.
[2.49]
{ وإذ نجيناكم } اذكروا اذ نجينا اسلافكم { من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب } من سامه الامر كلفه وقلما يستعمل فى غير الشر والمراد بسوء العذاب الاعمال الشاقة الخارجة عن الطاقة كانوا يأمرونهم بنقل الطين واللبن على السلالم مع ان كانوا يقيدونهم بالسلاسل او قوله تعالى { يذبحون أبنآءكم } بيان لسوء العذاب كانوا يقتلون الذكور من اولاد بنى اسرائيل طلبا لقتل من أخبر الكهنة والمنجمون بأن خراب ملك فرعون بيدهم وجعل الله رغم أنفه تربية موسى بيده { ويستحيون نسآءكم } يستبقون بناتكم للاسترقاق بقرينة المقابلة لذبح الابناء او يفتشون حياء نسائكم يعنى فروجهن لتجسس العيب كالاماء او لتجسس الحمل، وروى انه ربما كان يخفف العذاب عنهم ويسلم ابناؤهم من الذبح وينشؤن فى محل غامض ويسلم نساؤهم من الافتراش بما أوحى الله الى موسى (ع) من التوسل بالصلاة على محمد (ص) وآله (ع) الطيبين { وفي ذلكم } الانجاء او سوم العذاب او المذكور من الانجاء وسوم سوء العذاب { بلاء } نعمة او نقمة او امتحان بالنعمة والنقمة كليهما { من ربكم عظيم } والمقصود تذكير بنى اسرائيل بالبلاء العظيم الذى ابتلى به اسلافهم وتخفيفه بالصلاة على محمد (ص) وآله (ع) الطيبين ليتنبهوا ان من كان التوسل بأسمائهم والصلاة عليهم رافعا لعذابهم ومورثا لنجاتهم وبركاتهم فالتوسل بأشخاصهم (ع) كان اولى فى ذلك وتنبيه الامة على شرافة محمد (ص) وآله (ع).
[2.50]
صفحة غير معروفة