280

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

تصانيف

{ وما تأتيهم من آية من آيات ربهم } عطف على يعلم سركم على ان يكون مستأنفا او حالا او هو حال ابتداء كأنه قيل: ما حاله مع الخلق؟ - وما حال الخلق معه؟ - او عطف على انتم تمترون وعلى اى تقدير ففيه التفات من الخطاب الى الغيبة، واعظم الآيات امير المؤمنين (ع) والمقصود من الآيات ههنا اعم من الآيات التكوينية والتدوينية والآفاقية والانفسية { إلا كانوا عنها معرضين فقد كذبوا بالحق } الذى هو اعظم آياته وهو الولاية كا سبق وتكذيبهم للحق لتمرنهم على تكذيب مطلق الآيات { لما جآءهم فسوف يأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزءون } من الولاية.

[6.6]

{ ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن } فاتكلوا على حياتهم الداثرة الفانية واستبدوا بآرائهم الكاسدة وأعرضوا عن آياتنا، والقرن برهة كثيرة من الزمان او هو مدة عشرة او عشرين او ثلاثين او اربعين او خمسين او ستين او سبعين او ثمانين سنة، أو مائة او مائة وعشرين سنة، او اهل زمان واحد او امة بعد امة، او كل امة هلكت فلم يبق منهم احد { مكناهم في الأرض } بالصحة والقوه فى الاجسام والسعة فى الاموال والاولاد { ما لم نمكن لكم وأرسلنا السمآء } اى المطر والسحاب { عليهم مدرارا وجعلنا الأنهار تجري من تحتهم } يعنى هيئنا لهم اسباب الترفه والسعة والتنزه علاوة على تمكينهم فى الارض { فأهلكناهم بذنوبهم } يعنى ما صار تمكنهم حافظا لهم عن بأسنا ولا امداد نالهم واستدارجنا اياهم { وأنشأنا من بعدهم قرنا آخرين } تهديد بليغ لهم.

[6.7]

{ ولو نزلنا عليك كتابا في قرطاس فلمسوه بأيديهم } مكتفين بالرؤية لئلا يقولوا سكرت ابصارنا { لقال الذين كفروا } بالله او بك { إن هذآ إلا سحر مبين } لنهاية عتوهم وتمرنهم على الجحود.

[6.8-9]

{ وقالوا } عنادا ولجاجا { لولا أنزل عليه ملك } ان كان رسولا { ولو أنزلنا ملكا لقضي الأمر } امر حيوتهم او الامر بقبض ارواحهم يعنى انهم ضعفاء الابصار ليس لهم قوة الجمع بين الطرفين، والملك لا يدركه الا بصيرة باطنة اخروية لا البصر الظاهر الدنيوى فلو انزلنا ملكا حتى يروه لانسلخوا من ظواهرهم البشرية ولانقلب الدنيا آخرة والحيوة ممات فلقصورهم وضعفهم لم ننزل ملكا بحيث يرونه، ولاينافى هذا نزول الملك على الرسل (ع) لجمعهم بين الدنيا والآخرة كما مضى تحقيقه وكيفية مشاهدة الملك فى المنام واليقظة للرسل وسماع قوله للانبياء والمحدثين عند قوله

وإثمهمآ أكبر من نفعهما

[البقرة: 219] من سورة البقرة { ثم لا ينظرون ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا } جواب ثان او جواب لاقتراح ثان فانهم تارة قالوا: لولا انزل عليك ملك، وتارة قالوا: لو اراد الله ان يبعث الينا رسولا لا نزل ملكا { وللبسنا عليهم ما يلبسون } يعنى لو انزلنا ملكا اما جعلناه بصورة ملك ولم يقووا على ادراكه، او جعلناه بصورة رجل ولو جعلناه بصورة رجل لا وقعنا عليهم الالتباس والامتراء حتى يقولوا فيه ما قالوا فى الرسول البشرى، فالآية اشارة الى قياس استثنائى منفصل التالى مرفوعة بكلا شقيه ان كانت جوابا بكلا شقيه لسؤال واحد، او اشارة الى قياسين استثنائيين ان كانت جوابين لسؤالين منهم.

[6.10]

صفحة غير معروفة