[5.55]
{ إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون } قد ورد من طريق العامة والخاصة ان الآية نازلة فى على (ع) حين تصدق فى المسجد فى ركوع الصلوة بخاتمه او بحلته التى كان قيمتها الف دينار، ومفسرو العامة لا ينكرون الاخبار فى كونها نازلة فى امير المؤمنين (ع) وقد نقلوا بطرق عديدة من رواتهم انها نزلت فى على (ع) ومع ذلك يقولون فى تفسيرها ان الآية لما نزلت بعد النهى عن اتخاذ اهل الكتاب اولياء، ولا شك ان المراد بالاولياء هناك اولياء المعاشرة لا اولياء التصرف كان المراد بالاولياء ههنا ايضا المعاشرة بقرينة المقابلة وبقرينة جمع المؤمنين، ولو كان المراد امير المؤمنين (ع) وبالولاية ولاية التصرف، لصرح باسمه او لقال والذى آمن بالافراد؛ وهم غافلون عن انه لو صرح باسمه او افرد المؤمن مع الاتفاق في انها نازلة فى امير المؤمنين (ع) لأسقطوه تمويها على مخالفى على (ع) فنقول: نسبة الولاية اولا الى الله ثم الى رسوله (ص) ثم الى الذين آمنوا تدل على ان المراد بالولايه ولاية التصرف التى فى قوله تعالى:
النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم
[الأحزاب:6] لان ولاية الله ليست ولاية المعاشرة ولا ولاية الرسول (ص) بقرينة العطف وبما هو معلوم من الخارج، فكذلك ولاية الذين آمنوا بقرينة العطف وبقرينة عدم تكرار الولى، فان المراد ان الولاية ههنا امر واحد مترتب فى الظهور، فان ولاية الرسول (ص) ليست شيئا سوى ولاية الله وولاية الله تتحقق بولاية الرسول (ص) فهكذا ولاية الذين آمنوا فانها ولاية الرسول (ص) تظهر فى ولاية الذين آمنوا على ما قاله الشيعة، ولو كان المراد ولاية المعاشرة كان اولياؤكم بلفظ الجمع اولى، وتقييد الذين آمنوا باقامة الصلوة وايتاء الزكوة فى حال الركوع يدل على انها ليست ولاية المعاشرة والا لكان جملة المؤمنين فيها سواء، وليس كذلك المؤمنين متصفين بالصفات المذكورة على انه لا خلاف معتدا به فى انها نزلت فى على (ع) وصورة الاوصاف خاصة به، وقوله الذين يقيمون الصلوة بالمضارع اشارة الى ان هذا الوصف مستمر لهم يعنى حالهم استمرار اقامة الصلوة وايتاء الزكوة فى حال الخضوع لله لا فى حال بهجة النفس، لانهم يؤتون ما اتوا وقلوبهم وجلة انهم الى ربهم راجعون، بخلاف الفاعل من قبل النفس فان شأنه الارتضاء بفعله وتوقع المدح من الغير على فعله، لان كل حزب من احزاب النفس بما لديهم فرحون ويحبون ان يحمدوا على ما لم يفعلوا فضلا عما فعلوا، واستمرار الصفات بحسب المعنى لعلى (ع) واولاده المعصومين (ع) بشهادة اعدائهم وبحسب الصورة ما كان احد مصداقها الا على (ع) نقلا عن طريق العامة والخاصة وقد وقع صدور الزكوة فى الركوع من كل من الائمة (ع) كما ورد عن طريق الخاصة، وفى نسبة الولاية الى الله دون المخاطبين والاتيان باداة الحصر دلالة تامة على ان المراد بها ولاية التصرف فانها امر ثابتة لله ذاتا ولرسوله (ص) ولخلفاء رسوله (ص) باعتبار كونهما مظهرين لله وليس لاحد شراكة فيها وليس المراد بها ولاية المعاشرة التى تكون بالمواضعة والاتخاذ، والا لم يكن للحصر وجه وكان اقتضاء المقابلة ان يقول بل انتم اولياء الله (الى آخرها) او بل اتخذوا الله ورسوله والمؤمنين اولياء ولان المراد بها ولاية التصرف التى كانت بالذات لله قال فى عكسه.
[5.56]
{ ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا } اشعارا بان الولاية السابقة هى ولاية التصرف وليست لغير الله وخلفائه الا قبولها ومن قبلها منهم باستعداده لظهورها فيه صار مرتبطا بالله وخلفائه، ومن صار مرتبطا بالله صار من حزب الله، ومن صار من حزب الله كان غالبا { فإن حزب الله هم الغالبون } ولو كان المراد بها ولاية المعاشرة لكان الاولى ان يقول ومن يتخذ الله او من صار وليا لله، والحاصل ان فى لفظ الآية دلالات واضحة على ان المراد بالولاية ولاية التصرف وانها بعد الرسول (ص) ليست لجملة المؤمنين بل لمن اتصف بصفات خاصة كائنا من كان متعددا او منفردا سواء قلنا نزلت فى على (ع) او لم نقل، لكن باتفاق الفريقين لم توجد الاوصاف الا فيه (ع) ونزلت الآية فى حقه (ع) والمراد بالذين آمنوا ههنا هم الموصوفون فى الآية السابقة لما تقرر عندهم ان المعرفة اذا تكررت كانت عين الاولى.
[5.57-58]
{ يأيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار } بولاية من امرتم بولايته بقرينة كونها بعد آية ولاية الله وقبول ولايته والتعليق على هذا الوصف للاشعار بعلة النهى { أوليآء } لانهم فى شقاق معكم فلا ينبغى لكم توليهم { واتقوا الله } فى اتخاذ المذكورين اولياء { إن كنتم مؤمنين } فان الايمان يقتضى المجانبة لا المجانسة معهم { وإذا ناديتم } عطف على قوله اتخذوا دينكم اوحال { إلى الصلاة اتخذوها هزوا ولعبا ذلك بأنهم قوم لا يعقلون } فان العقل يقتضى تعظيم الحق وعباداته لا الاستهزاء بها.
[5.59]
{ قل يأهل الكتاب هل تنقمون } تكافؤن او تكرهون او تعاقبون { منآ إلا أن آمنا بالله } المستنثى بتقدير اللام او الباء او مفعول به بلا واسطة حرف { ومآ أنزل إلينا ومآ أنزل من قبل } تعريض بمنافقى الامة فى النقمة من على (ع) واولاده المعصومين (ع) واصحابهم التابعين لهم { وأن أكثركم فاسقون } خارجون عن طريق الحق والعقل وهو عطف على ان آمنا او على الله يعنى الا لان آمنا بان اكثركم فاسقون.
صفحة غير معروفة