[سبأ: 8]، وكما ان الشرع والعقل حاكمان بقبح اعطاء المال الدنيوى للسفيه من الاولاد والازواج او الايتام الذين فى تربيتكم او غيرهم ممن يضيع المال او من لا يعرف الحق كذلك حاكمان بقبح اعطاء المال الاخروى من العلم والحكمة لمن لم يكن اهله ولم يعرف الحق فان الله يأمركم ان تؤدوا الامانات الى اهلها يعنى لا تمنعوها اهلها فتظلموهم ولا تعطوها غير اهلها فتظلموها وتكونوا كمن علق الدر على اعناق الخنازير { وارزقوهم فيها واكسوهم } بان تمكنوهم فيها لتحصيل رزقهم وكسوتهم منها بالعمل فيها بحيث لم ينقص من اصل المال شيء سواء زاد فيها بعملهم اولا، وانما قال فى الآية الآتية: وارزقوهم منها لان المعطى هناك من اصل المال { وقولوا لهم قولا معروفا } لا ازدراء فيه ولا لوم { و } اما اموال التيامى ف { ابتلوا اليتامى }.
[4.6]
{ ابتلوا اليتامى } باختبار احوالهم من اوان تميزهم وزمان صغرهم { حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا } وعدم تضييع للمال { فادفعوا إليهم أموالهم } عن الصادق (ع) اشارة الى وجه من وجوه التأويل فى هذه انه قال: اذا رأيتموهم يحبون آل محمد (ص) فادفعوهم درجة يعنى وابتلوا يتامى آل محمد (ص) وراقبوا في تربيتهم ايها المربون ليتامى آل محمد (ص) حتى اذا بلغوا مقام الزواج بالشواهد الآلهية والواردات الغيبية فان آنستم منهم رشدا وثباتا في المحبة وعدم افشاء الاسرار بهوى النفس فادفعوهم عن مقامهم الدانى درجة كما هو شأن الائمة (ع) والمشايخ في تربية اطفال الطريق وايتام السلوك { ولا تأكلوهآ إسرافا } تجاوزا عن حد المعروف { وبدارا } اى مسرعين في الأكل خوف { أن يكبروا } او مبادرين كبرهم { ومن كان غنيا } عن اموالهم بعدم اشتغاله بها عن معيشته او بعدم حاجته اليها لغنائه في نفسه { فليستعفف ومن كان فقيرا } لاجل اشتغاله عن مرمة معيشته بواسطة اصلاح اموالهم او كان فقيرا فى نفسه { فليأكل بالمعروف } اى بقدر اجرة اشتغاله بها فان الأكل بالمعروف عند الشرع والعقل ما كان بقدر اجرة اشتغاله عن اصلاح معيشته لا اصلاح معيشته عن اموالهم وان كان اضعاف عمله وبما فسرنا يمكن الجمع بين المتخالفات من الاخبار في هذا المقام ولما كان السورة المباركة اكثرها في آداب المعاشرة وتدبير المنزل وسياسة المدن، ومن جملة الحزم في المعاشرة ان تكون بريئا من المخاصمة متقيا عن مواضع التهمة حافظا لعرضك عن افواه الناس مجتنبا عما فيه الملامة وذلك بان يكون معاملتك مع الغير سالما عن الشبهة والادعاء الباطل ولا يمكن السلامة الا بان يكون ثالث بينك وبين من تعامله حتى يكون مانعا لادعائه باطلا ومطلعا حتى يرفع الشبهة اذا وقعت، علم الله تعالى عباده ذلك فقال تعالى { فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم } ولا تخونوا فيما لم يطلع هو ولا غيره عليه لان الله تعالى شاهد عليكم ويحاسبكم بدقيق ما عندكم وجليله { وكفى بالله حسيبا } هذا بحسب التنزيل واما بحسب التأويل فيقال: اذا دفعتم الى يتامى آل محمد (ص) بعد الاستحقاق ما يستحقونه من رفع درجة فأشهدوا الله وملائكته عليهم حتى يكونوا بمرأى من الله وملائكته ويكون اعطاؤكم باذن من الله بل بمرأى منه بل بيده حتى لا يكون انفسكم واسطة بينهم وبين الله ويكون المحاسب هو الله وكفى بالله حسيبا.
[4.7]
{ للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنسآء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا } بيان لآداب التوارث ونهى عن رسوم الجاهلية من منع النساء عن الارث.
[4.8]
{ وإذا حضر القسمة أولوا القربى } من غير الوراث { واليتامى والمساكين } من غير اولى القربى { فارزقوهم منه } تصدقا عليهم وتطييبا لنفوسهم فانه مورث لترويح المورث وبركة الوارث ولا تؤذوهم بأيديكم والسنتكم { وقولوا لهم قولا معروفا } باستقلال العطية والاعتذار عنه والاحترام لهم اكثر من سائر الاوقات ولما كان الامر بظاهره مفيدا للوجوب والمقصود الاستحباب لا الوجوب اختلف الاخبار في انها منسوخة او باقية فما أفاد نسخها خوطب بها من فهم الوجوب، وما أفاد بقاءها خوطب بها من فهم الاستحباب، ولما كانت النفوس متفاوتة في التناهى عن المنهيات لان تناهيها اما لخوف الافتضاح بين الناس، او اطلاع الغير عليها، او تسلط الظالم، او رفع البركة، او تضييع اولادها بالمكافاة، او سوء العاقبة والعذاب فى الآخرة ذكر الله تعالى فى مقام التأكيد فى امر اليتامى والتهديد عن الخيانة والتوانى عن المحافظة بعضا منها فقال تعالى: { وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم }.
[4.9]
{ وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم } فان الدار دار مكافاة وليعلموا ان ما يدينون به فى يتامى الغير يدانون به في يتاماهم { فليتقوا الله } فى الخيانة فى حقهم والتوانى فى تربيتهم والخشونة فى القول معهم { وليقولوا } لهم { قولا سديدا } لا يجرئهم على عدم الانقياد ولا يزجرهم زائدا على قدر تربيتهم، هذا تهديد عن المكافاة في حق الاولاد.
[4.10]
صفحة غير معروفة