تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

الجنابذي ت. 1350 هجري
161

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

تصانيف

{ وما هو من الكتاب } لان الكتاب هو الذى يجرى على لسان صار لسان الله لخلو صاحبه من نسبة الوجود الى نفسه وصيرورته وصيرورة اعضائه الات الله، وهذا المقروء وان كان بصورة الكتاب لكنه جار على لسان لا نسبة بينه وبين الله، ونقوش الكتاب وحروفه وان كانت كلية لا اختصاص لها بنقش كتاب مخصوص ولا بحرف لسان مخصوص لكن شرط صدق الكتاب عليها ان تكون صادرة عن يد منتسبة الى الله، او لسان منسوب اليه كأيدى الانبياء (ع) وألسنتهم، غاية الامر ان يكون نسبة التابع اضعف من نسبة النبى (ص) المتبوع، ونظير هذه الآية قوله تعالى:

فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم

[البقرة: 79] يعنى لا بيد الله

ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا

[البقرة: 79]؛ الآية، وللاشارة الى انه ينبغى ان يكون لسان العبد حين القراءة وكذلك يده حين الكتابة لسان الله ويده امر الله تعالى عباده بتلاوة القرآن وامر المعصومون ان يقولوا: لبيك اللهم لبيك؛ عند قولهم: { يا ايها الذين آمنوا } ، وان يقولوا كذلك الله ربى؛ عند قرأة التوحيد، وان يسبحوا ويحمدوا ويستغفروا الله؛ عند قراءة { اذا جاء نصر الله } ، وامثال ذلك مما يدل على انه ينبغى ان يفرض لسان القارىء لسان الله ثم عومل مع المقروء نحو معاملة مقرو الله كثيرة { ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله } بل هو من عند أنفسهم ومن عند الشيطان { ويقولون على الله الكذب } بهذا القول { وهم يعلمون } انه كذب، او هم المعدودون من العلماء، او المعنى يقولون على الله الكذب غير ما يفتلونه بالسنتهم وهم يعلمون انه كذب.

[3.79]

{ ما كان } جواب لسؤال مقدر كأنه قيل: هل يجوز لنبى (ص) ان يدعو الناس الى نفسه؟ - او هو جواب لسؤال كان مذكورا ولم يحك لنا على ما قيل: ان ابا رافع القرظى والسيد النجرانى قالا:

" يا محمد (ص) أتريد ان نعبدك ونتخذك ربا؟ - فقال: معاذ الله ان نعبد غير الله وان نأمر بعبادة غير الله فما بذلك بعثنى، ولا بذلك أمرنى "

، فنزل { ما كان } اى ما صح { لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة } والمراد بالكتاب الرسالة واحكامها والكتاب التدوينى صورتها وبالحكم الولاية وآثارها والنبوة برزخ بينهما ولذلك أخرها { ثم يقول للناس كونوا عبادا لي } لانه ما لم يخرج من انانيته ولم يحي بانانية الله ولم يبق بالله لم يؤت الكتاب، واذا خرج من انانيته لم يكن له نفسية حتى يقول: { كونوا عبادا لي من دون الله } بل ان قال { كونوا عبادا لى } كان قوله متحدا مع قوله كونوا عبادا لله فانه ان قال انا كان اناه من الحق جاريا على لسانه لا من نفسه كما اشار اليه المولوى قدس سره:

كفت فرعونى انا الحق كشت بست

صفحة غير معروفة