تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

الجنابذي ت. 1350 هجري
133

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

تصانيف

" درهم ربا اشد عند الله من سبعين زنية كلها بذات محرم "

، وفى خبر زيد:

" فى بيت الله الحرام "

، وعن امير المؤمنين (ع):

" لعن رسول الله (ص) الربوا وآكله وبائعه ومشتريه وكاتبه وشاهديه "

، وقد ذكر فى الاخبار طريق الفرار من الربا وما تداولوه من المبايعة على شيء وجعل الربح اجرة ذلك الشيء او نقله بصلح ونحوه نحو فرار صحيح، وما قالوا: ان العقود تابعة للقصود وليس المقصود من ذلك الا تصحيح الربا فليست المبايعة صحيحة غير صحيح لان قصد الفرار من الربا بالعقد قصد صحيح للعقد مأذون فى الشريعة نعم اذا كانت المرابحة خارجة عن قانون الانصاف كانت من هذه الجهة مذمومة وممحوقة وما يشاهد من محق اموال المرابحين انما هو لعدم مبالاتهم بالمبايعة وقولهم: { إنما البيع مثل الربا } ، او لخروجهم عن قانون الانصاف { فمن جآءه موعظة } الموعظة التذكير بما يلين القلب والزجر عما يقسى القلب { من ربه فانتهى } عما نهى عنه { فله ما سلف } مما أخذ من الربوا يعنى ان الانتهاء عند بلوغ نهى الله اليه محلل لما أخذه قبل ذلك، ولا يسترد منه شيء وهذا يدل على ان من لم يعلم التحريم وأخذ فاذا علم كان المأخوذ حلالا وفى الخبر عنهما (ع): ان الموعظة التوبة لكن المراد بها التوبة عما فعل بجهالة لا التوبة عما فعل عن علم، فانه لا يكون التوبة محللا لما أكله من مال الغير محرما { وأمره إلى الله } لا الى الحكام حتى يحكموا عليه برد ما اخذه قبل الموعظة { ومن عاد } الى الربا بعد ما جاءه الموعظة { فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون } وفى الخبر: الربا كبيرة بعد البيان، والاستخفاف بذلك دخول فى الكفر.

قيل: آكل الربا اسوء حالا من جميع مرتكبى الكبائر لانه معتمد فى رزقه على نفسه وتعيينه، محجوب عن ربه، غير متوكل عليه، ومع ذلك يرى انه محسن فى فعله مع انه مخالف لربه ويوكله الله فى الدنيا الى نفسه وتعيينه، ولذا ترى اموالهم ممحوقة فى حياتهم او بعد مماتهم.

[2.276]

{ يمحق الله الربا } يمحوه يعنى المال الحاصل من نفس الربا، او المال الذى فيه الربا، وافناء المال الربوى مشهود وان خذل الله واحدا من الناس ولم يمحق ماله والربوى يمحق دينه ثم يمحق بعده ماله، ونسب الى الصادق (ع) انه قيل له: قد رأى من يأكل الربا يربو ماله فقال: فأى محق امحق من درهم ربا يمحق الدين وان تاب منه ذهب ماله وافتقر { ويربي الصدقات } يعنى فى الآخرة او يربى عوضها فيما اخرجت منه، وفى الاخبار اشارة اليهما ففى خبر

" ان الله يأخذه يعنى مال الصدقة بيده ويربيه كما يربى احدكم ولده حتى تلقاه يوم القيامة وهى مثل احد "

صفحة غير معروفة