الثالث: نسخ الحكم وبقاء التلاوة.
أما الأول: وهو (نسخ التلاوة والحكم) فلا تجوز قراءته، ولا العمل به، لأنه قد نسخ بالكلية فهو كآية التحريم بعشر رضعات.. روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (كان فيما نزل من القرآن " عشر رضعات معلومات يحرمن " فنسخن بخمس رضعات معلومات، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي مما يقرأ من القرآن).
قال الفخر الرازي: فالجزء الأول منسوخ الحكم والتلاوة، والجزء الثاني، وهو الخمس منسوخ التلاوة باقي الحكم عند الشافعية.
وأما الثاني: (نسخ التلاوة وبقاء الحكم) فهو كما قال الزركشي في " البرهان ": يعمل به إذا تلقته الأمة بالقبول، كما روي أنه كان في سورة النور (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم). ولهذا قال عمر: (لولا أن يقال الناس زاد عمر في كتاب الله لكتبتها بيدي).
وأخرج ابن حيان: في " صحيحه " عن (أبي بن كعب) رضي الله عنه أنه قال: " كانت سورة الأحزاب توازي سورة النور - أي في الطول - ثم نسخت آيات منها ".
وهذان النوعان: (نسخ الحكم والتلاوة) و(نسخ التلاوة مع بقاء الحكم) قليل في القرآن الكريم، ونادر أن يوجد فيه مثل هذا النوع، لأن الله سبحانه أنزل كتابه المجيد ليتعبد الناس بتلاوته، وبتطبيق أحكامه.
وأما الثالث: (نسخ الحكم وبقاء التلاوة) فهو كثير في القرآن الكريم، وهو كما قال (الزركشي) في ثلاث وستين سورة.. ومن أمثلة هذا النوع آية الوصية، وآية العدة، وتقديم الصدقة عند مناجاة الرسول صلى الله عليه وسلم، والكف عن قتال المشركين.. الخ.
وقد ألف الشيخ هبة الله بن سلامة " رسالة في الناسخ والمنسوخ " جاء فيها ما نصه:
" اعلم أن أول النسخ في الشريعة أمر الصلاة، ثم أمر القبلة، ثم الصيام الأول، ثم الإعراض عن المشركين، ثم الأمر بجهادهم، ثم أمره بقتل المشركين، ثم أمره بقتال أهل الكتاب حتى يعطوا الجزية، ثم ما كان أهل العقود عليه من المواريث، ثم هدر منار الجاهلية لئلا يخالطوا المسلمين في حجهم " الخ.
فائدة هامة: ما الحكمة من نسخ الحكم وبقاء التلاوة؟
صفحة غير معروفة