تفسير العثيمين: ص
الناشر
دار الثريا للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٥ هـ - ٢٠٠٤ م
مكان النشر
الرياض - المملكة العربية السعودية
تصانيف
الناقة: هو ما بين الحَلْبتيْنِ أو ما بين الرَّضْعَتيْنِ. ما بين الحلبتين إذا كانت تُحلب، وهي مدة وجيزة، مثاله: يعصر الإنسان الثدي ثم يتوقف ثم يعود ويعصره، فالمدة بين الحلبتين قليلة، وكذلك بين الرضعتين. الطفل الرضيع إذا كان يرضع ثدي الأم، يمص ثم يمص. وهم يطلقون هذا على سرعة الشيء وعدم إمهاله، ويمكن أن نقول: إن القراءتين تجمعان المعنيين، فيكون معنى ﴿مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ (١٥)﴾ أي: ما لها من رجوع ولا إمهال.
الفوائد:
١ - في هذا أشد التهديد للمكذبين لرسول الله ﷺ، ولازم ذلك إثبات رسالته ﷺ، ووجه أن الله توعد المكذبين له، ولولا أن رسالته حق لكان الوِعيد عليه هو كما قال تعالى: ﴿وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (٤٤) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (٤٥) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (٤٦) فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ﴾ [الحاقة: ٤٤ - ٤٧] الله أكبر، انظر إلى هذا الأسلوب الشديد للآيات الموجهة للرسول ﵊ ﴿لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ﴾ بالقوة، ﴿ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ﴾ حتى لا يبقى به حياة. والوتين هو عرق يتصل بالقلب إذا قطع مات الإنسان فورًا ﴿فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ﴾ هذا وهو الرسول ﷺ، لو تقول على الله كلمة واحدة لأخذه الله باليمين، فكيف بالذين يتقولون على الله كلمات، ولا يبالون أن يقولوا: قال الله، وهو لم يقل.
ولهذا كان الإِمام أحمد ﵀ من ورعه لا يمكن أن يقول: هذا حرام إلا إن كان قد نص على تحريمه، وإلا تجده يقول:
1 / 75