69

تفسير العثيمين: ص

الناشر

دار الثريا للنشر والتوزيع

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٥ هـ - ٢٠٠٤ م

مكان النشر

الرياض - المملكة العربية السعودية

تصانيف

﴿وَمَا يَنْظُرُ هَؤُلَاءِ إِلَّا صَيْحَةً﴾ متعدية بنفسها، فهي بمعنى ينتظر، أي: ما ينتظر هؤلاء، أي كفار أهل مكة، كما قال المؤلف: [أي: كفار مكة] ﴿إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً﴾ يصاح بهم، واحدة لا تعاد مرة أخرى، كما قال الله تعالى: ﴿بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ﴾ [القمر: ٤٦]، وقال أيضًا: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (٤٩) وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ﴾ [القمر: ٤٩ - ٥٠]، وقال: ﴿إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ﴾ [يس: ٥٣] فالصيحة هي التي تكون يوم القيامة، كما قال المؤلف: [هي نفخة القيامة تحل بهم العذاب] وهي الساعة، هذه الصيحة الواحدة ﴿مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ (١٥)﴾ [بفتح الفاء وضمها، أي: رجوع]. ﴿مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ (١٥)﴾ ما: نافية، وليست هنا حجازية لاتفاق التميميين والحجازيين على عدم عملها، لأن الحجازيين يعملونها بشرط الترتيب، أي: تقدم الاسم على الخبر، وهنا لم يتقدم الاسم على الخبر، بل تأخر، فهي إذًا نافية، ولها: جار ومجرور خبر مقدم. و﴿مِنْ فَوَاقٍ﴾ من: حرف جر زائد للتأكيد، و﴿فَوَاقٍ﴾ مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد. أما من حيث التصريف قال المؤلف: [إنها بفتح الفاء وضمها] فَواق وفُواق، ومعناه الرجوع وقيل: معناه الإمهال، يعني إنها لا تمهلهم، بل تأخذهم بسرعة، وقيل: إنها إن كانت فَواق فهي بمعنى الرجوع لأنها من أفاق يفيق إذا رجع إلى عقله، وإذا كانت فُواق فهي بمعنى الإمهال مأخوذ من قولهم: فُواق الناقة، وفُواق

1 / 74