تفسير العثيمين: ص
الناشر
دار الثريا للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٥ هـ - ٢٠٠٤ م
مكان النشر
الرياض - المملكة العربية السعودية
تصانيف
القاعدة عندنا في التفسير متى كان اللفظ صالحًا لمعنيين فأكثر فإنه يحمل عليهما جميعًا. وعلى هذا يكون (نادوا) محذوف المفعول من أجل العموم، أي: أن بعضهم ينادي بعضًا: يا فلان أغثني أغثني، وكذلك ينادون الله، لأن الله يقول: ﴿فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ﴾ [غافر: ٨٤].
ولكن قال الله تعالى: ﴿فَنَادَوْا وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ (٣)﴾ لات: (لا) النافية زيدت عليها تاء التأنيث لتأنيث اللفظ، كما زيدت تاء التأنيث في "رُبَّتَ" وفي "ثُمَّتَ" لتأنيث اللفظ. تقول: رُبّ رجل لقيته، وتقول: رُبَّتَ رجل لقيته، وتقول: قام زيد ثمَّ قام عمرو، وتقول: قام زيد ثُمَّتَ قام عمرو. فإذًا هي (لا) النافية زيدت عليها تاء التأنيث، لتأنيث اللفظ فتصبح "لات"،و(لا) النافية تعمل عمل ليس، واسمها محذوف في هذه الآية، وخبرها: ﴿حِينَ مَنَاصٍ﴾ والتقدير: [أي: ليس الحينُ حينَ فرار] فسره المؤلف بالمعنى، فعليه تكون "لا" بمعنى "ليس" واسمها محذوف تقديره الحينُ، وخبرها موجود، وهو قوله: ﴿حِينَ مَنَاصٍ﴾ والغالب أن خبر "لا" يكون زمانًا نحو: لات حين، ولات أوان، قال الشاعر.
نَدِمَ البغاةُ ولاتَ ساعةَ مَنْدَمِ ... والبغيُ مَرْتَعُ مبتغيه وَخيمُ
يعني وليست الساعةُ ساعةَ مَنْدَم.
وقوله: ﴿مَنَاصٍ﴾ المناص: الفرار والنجاة. يعني ليس الحينُ حينَ فرار ونجاة، لأنه بعد نزول العذاب لا ينفع نفس إيمانها. قال
1 / 20