تفسير العثيمين: القصص

محمد بن صالح العثيمين ت. 1421 هجري
52

تفسير العثيمين: القصص

الناشر

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٦ هـ

مكان النشر

المملكة العربية السعودية

تصانيف

الآية (١٣) * * * * قَالَ اللَّهُ ﷿: ﴿فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [القصص: ١٣]. * * * قَالَ المُفَسِّرُ ﵀: [﴿فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا﴾ بِلِقَائِهِ ﴿وَلَا تَحْزَنَ﴾ حِينَئِذِ ﴿وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ﴾ بِرَدِّهِ إِلَيْهَا ﴿حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ﴾ أَي النَّاسُ ﴿لَا يَعْلَمُونَ﴾ بِهَذَا الْوَعْدِ، وَلَا بأَنَّ هَذِهِ أُخْتُهُ، وَهَذهِ أُمُّهُ، فَمَكَثَ عِنْدهَا إِلَى أَنْ فَطَمَتْهُ، وَأَجْرَى عَلَيْهَا أُجْرَتهَا لِكُلِّ يَوْمٍ دِينَارٌ، وَأَخَذَتْهَا لِأَنَّهَا مَالُ حَرْبِيٍّ، فَأَتَتْ بِهِ فِرْعَوْنَ، فَتَرَبَّى عِنْدَهُ، كَمَا قَالَ تعالى حِكَايَةَ عَنْهُ فِي سُورَةِ الشُّعَرَاءِ: ﴿قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ﴾ [الشعراء: ١٨]. ما حكاه المُفَسِّر ﵀ مِنْ أَنَّ الأُم ذهبت إلَيْهِم، وأنها ألقَمته الثدي، وأنها اتُّهمت به، ودافعت بأنها طَيِّبة الريح، أو طَيِّبة اللبَن، لَيْسَ بِصَحِيحٍ. وَمِثْلُ هَذهِ الْأُمُورِ لَا يَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ لها أسبابٌ حِسِّية معلومة؛ لِأَنَّهَا مِن خَوارق العاداتِ، وخوارقُ العادات لَا تَحْتَاجُ أن نُوَجِّهَ لها أشياء تناسب العادات، بَلْ هِيَ فوق العادة. فَعَلَى هَذَا نقول: المسألة سائرة عَلَى حَسَبِ مَا جَاءَ فِي الْقُرانِ الكريم، فإنَّ الأُم لَمْ تَأْتِ إلَيْهِم، كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ ﷿ فِي قَوْلِهِ تعالى: ﴿فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ﴾، أي: رَدَدْنَا

1 / 56