تفسير العثيمين: القصص

محمد بن صالح العثيمين ت. 1421 هجري
51

تفسير العثيمين: القصص

الناشر

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٦ هـ

مكان النشر

المملكة العربية السعودية

تصانيف

يقول المُفَسِّرُ ﵀: [وَفَسَّرَتْ ضَمِيرَ ﴿لَهُ﴾ بِالمَلِكِ جَوَابًا لَهُمْ، فأُجِيبَتْ]، هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى قصة إسرائيلية؛ أَنَّهَا لمَّا قَالَتْ: ﴿وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ﴾ كأنهم شَكُّوا فقالوا: مَا الَّذِي أدراكِ أنهم ينصحون له؟ فقالت: أريد أنهم ينصحون للمَلِك، أي فِرْعَون. يعني: وهُم للمَلِك ناصحون. وهذه قصة لَا شَكَّ أنها بَعِيدَةٌ مِنَ الصَّوَابِ، وَإِنَّمَا المُرَادُ ﴿لَهُ﴾ للطفل، وَلَيْسَ هُنَاكَ مَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ عَائِدًا إليه، وَلَا حَاجَةَ أَيْضًا إِلَى تَفْسِير بالمَلِك؛ لأن آلَ فِرْعَوْنَ يُحِبُّونَ مَنْ يَنصح له، فليسوا بسائلين عَنْ هَذَا الشَّيْء، فتكوين المُفَسِّر ﵀ هَذَا لَا داعيَ له. يقول: [فَجَاءَتْ بِأُمِّهِ فَقَبِلَ ثَدْيَهَا، وَأَجَابَتْهُمْ عَنْ قَبُولِهِ بِأَنَّهَا طَيِّبَّةُ الرِّيح طَيِّبَةُ اللَّبَنِ فَأَذِنَ لَهَا فِي إِرْضَاعِهِ فِي بَيْتِهَا، فَرَجَعَتْ بِهِ]. هذا التَّقرير الَّذِي ذَكَرَهُ المُفَسِّر ﵀ أيضًا بَطَلَ فِي الآتي عليه، هو يقول: [إِنَّهَا جَاءَتْ، وَقَبِلَ ثَدْيَهَا] أمام النَّاس، واتُّهمت به، ودافعت عن التُّهمة بأن ثديَها طَيِّب الريح، ولَبَنَها طَيِّب. وكُلُّ هَذَا لَا أَصْلَ لَهُ، والصَّواب أَنَّهُ لمَّا قَالَتْ: ﴿هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ﴾ قالوا: نعم، دُلِّينا. فالقِصة واضحة جدًّا، قالوا: دُلِّينا فَدَلَّتهم، فجاؤوا بِهِ إِلَى أُمِّهِ، وَهَذَا أَبْلَغُ فِي المعجزة، والآية أَنَّ أُمَّهُ فِي بَيْتِهَا أَمَرَت أخته أَنْ تَخْرُجَ فِي طَلَبِهِ، فما رجعت أختُه إِلَّا بِهِ إِلَى أُمِّهِ. * * *

1 / 55