تفسير العثيمين: سبأ
الناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٦ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
فإن قِيل مثَلًا: هذا عزيزٌ عَلَيَّ؛ أي: ذُو قَدْر شَريفٍ عِنْدي، وفي الآية: ﴿وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ﴾ [ص: ٢٣] يَعنِي: غلَبَني، هذه عِزَّة القَهْر والغَلَبة، ويُقال: أَرْضٌ عَزَازٌ. أي: قوِيَّةٌ شديدة ما يُؤثِّر فيها وَطْء الأقدام، وهذه عِزَّة الامتِناع، فالله مَوصوف بالعِزَّة بمَعانيها الثلاثة.
وأمَّا ﴿الْحَمِيدِ﴾ فيَقول المُفَسِّر ﵀: إنه بمَعنَى: [المَحْمُودِ] وصحيحٌ أنَّ (فَعيل) تَأتي بمَعنَى (مَفعول)، ومنه قَوْلهم: (قتيل) بمَعنَى (مَقتول)، و(جَريحٌ) بمَعنَى (مجَروح)، لكنها تَأتي بمَعنَى (الفاعِل) أيضًا؛ مِثْل (عَليم) بمَعنَى (عالِم)، (عَزيز) بمعنى (عازّ)، (حَكيم) بمَعنَى (محُكِم)، وهكذا تَأتي بهذا المَعنَى.
فإذا كانت تَأتي بالوَجْهين جميعًا، أي: بالفاعِل والمَفعول؛ فهل الأَوْلى أن نَجعَلها مَقصورة على المَفعول أو نَجعَلها شامِلةً؟
الجوابُ: الأَوْلى أن نَجعَلها شامِلة؛ فهو ﷿ حَميدٌ بمَعنَى: حامِد، وبمَعنَى (مَحمود)، أمَّا كَونُه حامِدًا فما أَكثَرَ ما يُثنِي الله على عِباده المُؤمِنين، إِذَنْ هذا (حَمْد) فهو (حامِد) ﷾، وأمَّا كَوْنه محَمودًا، فهذا ظاهِر أن الله تعالى له الحمْدُ على كل حال.
والحاصِلُ: أنَّ تفسير المُفَسِّر ﵀ ﴿الْحَمِيدِ﴾ بـ (المَحمود) فيه قُصورٌ، والصَّواب: أنه بمَعنى (مَحمود) وبمَعنَى (حامِد)، وأن له الحمْدَ ﷾ في الدُّنيا والآخِرة.
وفي إضافة الصِّراط إلى اسمِ الله تعالى ﴿الْحَمِيدِ﴾ فيه فائِدة؛ أنَّه يَدُلُّ على أنَّ مَن تَمسَّك بهذا الصِّراط فإنه (عزيزٌ) و(محَمودٌ) أَيْضًا؛ (محمود) على الْتِزامه بهذا الصِّراطِ.
1 / 62