تفسير العثيمين: فاطر
الناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٦ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
الآية (٤)
* * *
* قَالَ اللهُ ﷿: ﴿وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ﴾ [فاطر: ٤].
* * *
قال المُفَسِّر ﵀: [﴿وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ﴾ يا مُحَمَّدُ في مَجيئِكَ بالتَّوْحيدِ والبَعْثِ، والحِسابِ والعقابِ، ﴿فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ﴾].
قَوْله تعالى: ﴿وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ﴾: (إنْ) هنا شَرْطِيَّةٌ، وفِعْلُ الشَّرْط ﴿يُكَذِّبُوكَ﴾ وجوابه ﴿فَقَدْ كُذِّبَتْ﴾ واقْتَرَن بالفاء؛ لأنَّه مُصَدَّرٌ بـ (قد).
﴿وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ﴾ أي: يَنْسِبوكَ إلى الكَذِب، فيقولون: إنَّكَ كاذِبٌ، لست رسولًا مِنَ الله ﷿، بل أنت ساحِرٌ ومَجْنونٌ وكاهِنٌ وشاعِرٌ وما أشبه ذلك، وبَعْضُهم يقول: لا بَعْثَ ولا جزاءَ ولا حِسابَ ولا عِقابَ، إن كَذَّبوك فهذا أمرٌ ليس بِبِدْعٍ مِن بني آدم وليس غريبًا من صنيعِ بني آدَمَ.
﴿فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ﴾ مَنْ كَذَّبَهُم؟ كَذَّبَهُم أَقْوامُهُم حتى قال الرَّسُولُ ﵊: "فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ وَمَعَهُ الرَّهْطُ وَالنَّبِيَّ وَمَعَهُ الرَّجُلُ والرَّجُلان، وَالنَّبِيَّ وَلَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ" (^١) حتى إنَّ نوحًا ﵊ لَبِثَ في قَوْمِه ألْفَ سنةٍ إلا خَمْسينَ
_________
(^١) أخرجه البخاري: كتاب الرقاق، باب يدخل الجنة سبعون ألفًا بغير حساب، رقم (٦٥٤١)، ومسلم: كتاب الإيمان، باب الدليل على دخول طوائف من المسلمين الجنة بغير حساب ولا عذاب، رقم (٢٢٠)، من حديث ابن عباس ﵄.
1 / 39