تفسير العثيمين: الزمر
الناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٦ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
الآية (١)
* قَالَ اللهُ ﷿: ﴿تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ﴾ [الزمر: ١].
قوله: ﴿تَنْزِيلُ الْكِتَابِ﴾ الكتابُ: هو القرآن، وسُمِّيَ كتابًا؛ لأنَّه مكتوب في اللَّوْح المحفوظ، ومكتوب بالصُّحُف التي بأيدينا، ومكتوب في الصُّحُف التي بأيدي الملائكة؛ قال الله تعالى: ﴿كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ (١١) فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (١٢) فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (١٣) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (١٤) بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (١٥) كِرَامٍ بَرَرَةٍ﴾ [عبس: ١١ - ١٦] وعلى هذا فـ (فِعَال) بمعنى مفعول، وهذه الصيغة - أعني فِعَالًا - تأتي بمعنى مفعولٍ في اللُّغَة العَربيَّة كثيرًا؛ ومنه: غِراسٌ بمعنى مغروس، بِناء بمعنى مبنِيٍّ.
قال المُفَسِّر ﵀: ﴿تَنْزِيلُ الْكِتَابِ﴾: القُرآنِ، مبتدأٌ] المبتدأ: تنزيلُ، قال: [﴿مِنَ اللَّهِ﴾ خَبَرُه].
إِذَنْ: معنى الآية: أنَّ الله يُخْبِر ﷿ بأن تنزيلَ الكتاب مِنْ عنده؛ مِن الله، أي إنه نازلٌ من عند الله لا من جبريل ولا من محُمَّد ولا من أيِّ مَصْدرٍ كان، بل هو نازل من الله ﷾، تكلَّم به، وألقاه إلى جبريل.
ثم إنَّ جبريل ﵇ نزل به على قلْبِ النَّبِيِّ ﷺ، قال تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٩٢) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (١٩٣) عَلَى قَلْبِكَ﴾ [الشعراء: ١٩٢ - ١٩٤] ﴿عَلَى قَلْبِكَ﴾ وتأمَّل قوله: ﴿عَلَى قَلْبِكَ﴾ لتَعْلَمَ أنَّ الرَّسول ﷺ وعَى القرآن وَعْيًا تامًّا؛ لأنَّ ما نزل
1 / 13