تفسير العثيمين: الزمر
الناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٦ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
على القَلْب لا بُدَّ أن يَعِيَه القَلْب.
قال ﵀: [﴿الْعَزِيزِ﴾ في مُلكه، ﴿الْحَكِيمِ﴾ في صُنْعِه] ﴿الْعَزِيزِ﴾ لها معانٍ:
الأوَّل: عزيز بمعنى: غالِب.
ومنه قوله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [المنافقون: ٨] قاله الله تعالى جوابًا على قول المنافقين: ﴿لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ﴾ [المنافقون: ٨] فسَلَّم الله ذلك: أنَّ الأَعَزَّ يُخْرِجُ الأَذَلَّ، لكن قال: العِزَّةُ لله ولرسوله وللمؤمنين، أما المنافقون فلا عزَّة لهم حتى يستطيعوا أن يُخرجوا المؤمنين منها.
ومنه قوله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [المنافقون: ٨].
الثاني: عزيز بمعنى: قَوِيٍّ، شديد القوة؛ ومنه قولهم: أرض عَزَازٌ؛ يعني: صُلْبة قويَّة؛ ومن المعلوم: أنَّ الله تعالى في صفاته كُلِّها شديدٌ قويٌّ، فكل الصفات كامِلَة ليس فيها نَقْصٌ ولا وهَنٌ ولا ضَعْفٌ.
الثالث من معنى العِزَّة: الامتناع. فالامْتِناعُ يعني: أنَّه مُمْتَنِعٌ عن أن ينالَه سوءٌ.
فهذه ثلاثة معانٍ للعزيز: غالب، قوي، ممتنِع عن كل نَقْص.
وأما قول المُفَسِّر ﵀: [في مُلْكِه] فإنه قاصر في الحقيقة جدًّا؛ لأنَّه إذا قُيِّدَتِ العِزَّة في الملك فإنَّها لا تتناول إلا العزيز بمعنى: الغالب أو القوي.
وأما: ﴿الْحَكِيمِ﴾ فيقول ﵀: ﴿الْحَكِيمِ﴾ في صُنْعِه] أي فيما صَنَع، وهل يُوصَف الله تعالى بأنه صانِعٌ وأنَّ له صُنعًا؟
الجواب: نعم، يُوصف الله بأنه صانع، وأنَّ له صنعًا، قال الله ﵎: ﴿صُنْعَ
1 / 14