تفسير العثيمين: الزمر
الناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٦ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
عن الذَّنْب؛ لأنَّ المعنى المُشْتَقَّ منه يأبى ذلك، فالمَغْفِرَة مُشْتَقَّة من المِغْفَر، والمِغْفَر شيء يُوضَعُ على الرأس يقيه من سهامِ الأعداء؛ ففي هذا المِغْفَر سترٌ ووقاية؛ ولهذا نقول في معنى ﴿الْغَفَّارُ﴾ هو غافِرُ الذَّنْب؛ أي: الذي يستر الذَّنْب ويتجاوَزُ عنه.
من فوائد الآية الكريمة:
الْفَائِدَة الأُولَى: إثباتُ خَلْقِ السَّموات والأَرْض.
وهذه الفائِدَةُ يترتَّبُ عليها: الرَّدُّ على الطبائعِيِّينَ والفلاسِفَة الذين يقولون بقِدَمِ العالَم، وأنَّ العالَم أزلي، وأن هذه السَّمواتِ ليس لها أوَّل، بل هي موجودة في الأَزَل، فإنَّ هذه الآية تردُّ عليهم؛ لأنَّه تعالى يقول: ﴿خَلَقَ السَّمَاوَاتِ﴾ أي أَوْجَدَها بعد العَدَمِ.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أنَّ السَّمواتِ عَدَدٌ؛ وجهه: الجَمْع؛ لأنَّ الجمع يدلُّ على العَدَد، وقد بيَّنَتِ النُّصوصُ الأخرى أنها سبْعٌ.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أنَّ خَلْق السَّموات والأرض بالحَقِّ، وضِدُّه الباطل، فلم تُخْلَق باطلًا وسُدًى ولَعِبًا.
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أنَّ الخالِقَ للسَّموات والأرض هو الله؛ لقوله: ﴿بِالْحَقِّ﴾ على أَحَد المعنيين اللذينِ أَشَرْنا إليهما.
الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: إثبات كُرَوِيَّة الأَرْضِ؛ لقوله: ﴿يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ﴾ ومعلومٌ أنَّ اللَّيلَ والنَّهار يتعاقبانِ على الأرض، فإذا كان سَيْرُهما تكويرًا دلَّ على أنَّ الأرض كُرَوِيَّة.
الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: إثباتُ قدرة الله ﷿ بتكويرِ اللَّيلِ والنَّهارِ، وقد أشار الله
1 / 50