تفسير العثيمين: الزمر
الناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٦ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
الأرض ويَخْتَلِفان طولًا وقِصَرًا، هذا لا شك أنه لمصالِحِ العباد.
﴿كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى﴾: ﴿كُلٌّ﴾ من الشَّمْس والقمر.
﴿يَجْرِي﴾ أي: يسيرُ [في فَلَكِه]؛ الفَلَكُ الشَّيْء المُستدير، وهما يدوران باستدارةٍ واضِحَة، لكنَّها تختلفُ باختلاف اللَّيل والنَّهار.
وقوله: ﴿لِأَجَلٍ﴾ بمعنى: إلى أجل؛ أي: لغايةٍ، ﴿مُسَمًّى﴾ معيَّنٍ من قِبَل الله ﷿. وهذا الأجل المُسَمَّى قال المُفَسِّر ﵀: [يَوْم القيامَة]؛ ودليل ذلك قوله تعالى: ﴿إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (١) وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ (٢) وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ﴾ إلى أن قال: ﴿عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ﴾ [التكوير: ١٤] ويكون يوم القيامة، كما قال تعالى: ﴿يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا﴾ [آل عمران: ٣٠].
فهذان يجريانِ إلى يَوْمِ القيامة، فإذا كان يومُ القيامة ذهبت حاجَةُ النَّاس إليهما وذهبا.
وقوله تعالى: ﴿أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ﴾: ﴿أَلَا﴾ أداة اسْتِفْتاح وتأتي للتَّنْبيه.
وقوله: ﴿هُوَ﴾ يعود على الله ﷿.
و﴿الْعَزِيزُ﴾ قال المُفَسِّر ﵀: [الغالِبُ على أَمْرِه، المُنْتَقِم من أعدائِهِ] وهذا أحد معاني العِزَّة التي أثبتها الله لنَفْسِه، وسبق أن لها معنًى ثانيًا وثالثًا: عِزَّةُ القَدْر، وعِزَّةُ الامْتِناعِ، بِالإضافة إلى عِزَّة القَهْر، فالله ﷾ متَّصِفٌ بالعزَّة كاملًا؛ قال تعالى: ﴿فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا﴾ [النساء: ١٣٩] فجميع أنواع العِزَّة ثابتةٌ لله ﷾.
وقوله: ﴿الْغَفَّارُ﴾: الغفَّار صيغَةُ مبالَغَةٍ من الغَفْر، أو نِسْبَة، والغَفْر أو الغُفْران سِتْر الذَّنْب والتَّجاوز عنه، ولا يكفي أنْ نقول: إنَّ المَغْفِرة أو الغُفْران هو التَّجاوز
1 / 49