تفسير العثيمين: الزمر
الناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٦ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
الوصول إلى الله ﷿، والوصولُ إلى الله لا يكون إلا بعبادَتِه، فهم إذا عبدوهم جَعَلوهم هُمُ الغايَةَ، ولهذا سنُبيِّنُ إن شاء الله أنَّ هذا من سَفَهِهِم.
وقوله ﵀: [﴿إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى﴾ قُرْبَى، مَصْدَرٌ بمعنى تقريبًا] ﴿زُلْفَى﴾ يقول المُفَسِّر ﵀: إنَّها [مصدر] لكنها مصدرٌ مَعْنَوِيٌّ لموافَقَتِه العامِلَ في المعنى دون اللَّفْظ، فالمصدَرُ قد يكون لفظيًّا وقد يكون معنويًّا؛ فإن وافق عامِلَه في اللَّفْظ فإنَّه لَفْظيٌّ؛ مثل: قمْتُ قيامًا، وإن خالفه في اللَّفْظِ دون المعنى صار معنويًّا؛ كقولك: قُمْتُ وقوفًا، وأمَّا قولُك: قَعَدْتُ قُعودًا؛ فلَفْظيٌّ، وقولك: (قعَدْتُ جُلوسًا) معنوي.
يقول: تقرَّبوا إلى الله زُلْفى، يقول: إنَّه بمعنى قُرْبى، وقُرْبَى أيضًا يراد بها التَّقْريب، وإنَّما قال المُفَسِّر ﵀: إنَّه يُرادُ بها التَّقْريبُ؛ من أجل أن يُطابِقَ الفِعْلَ، فالفعل (قَرَّبَ) مضارِعُه (يُقَرِّب) المصدر المطابِق: (تقريبًا) لا قُرْبًا، ولكن من المعلوم أنه قد يوافِقُ المصدَرُ عامِلَه في اللَّفْظ، ولكنه لا يطابقه في الحروف، ومثل هذا يُسَمَّى عندهم اسمَ مَصْدر؛ كقوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا﴾ [نوح: ١٧]، فلو كان مصدرًا لقال: إنباتًا، فلما قال: ﴿نَبَاتًا﴾ ونَقَصَت حروفُه عن حروف فِعْلِه سُمِّيَ اسْمَ مَصْدَرٍ.
المُهِمُّ أنَّهم يقولون: نحن لا نعبد هذه الأصنام إلا من أجل أن تُقَرِّبَنا إلى الله تعالى قُرْبَى.
وحالُ بَعْضِ النَّاس عند القبور كحالِ هؤلاء؛ فهناك ناسٌ يطوفون بالقبور يَنْذِرون لها، يَسْجُدون لها، يقولون: هؤلاء أولياءُ يُقَرِّبوننا إلى الله! وهؤلاء الآن لهم وجود في العالَم الإسلامي.
1 / 31