تفسير العثيمين: الزمر
الناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٦ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
الجواب: نعم، إنزالٌ إلينا؛ لأنَّه رسولُنا، وقد قال الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا﴾ [النساء: ١٧٤] فالنَّازِلُ إلى رسول الله نازلٌ إلينا، ولكنه هو المباشِر لهذا الإنزال ويُبَلِّغُه لنا.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: ما سبق من أنَّ القرآن نازلٌ من عند الله فيكون كلامَه.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: عُلُوُّ الله ﷿؛ لأنَّ النُّزول إنما يكون من أعلى، دلَّ عليه (الكتاب والسُّنَّة والإجماع والعقل والفِطْرَة) خَمْسَةُ أنواع من الأدلَّة، كلُّها تُثْبِت علوَّ الله ﷿ على خَلْقِه.
وقد خالف في هذا طائفتان:
الطائفة الأولى: طائِفةُ الحُلُولِيَّة الذين قالوا: إنَّ الله بذاتِهِ في كلِّ مكانٍ. يقولون: إنَّ الله بذاتِهِ نَفْسِه ﷾ في كلِّ مكانٍ؛ في المسجد، في السوق، في البيت، في السَّطْح، في الحجرة، في أقبح مكان - والعياذ بالله - وهؤلاء أقول: إنَّهم كفَّار، لكن من كان متأوِّلًا وجب إعلامُه وبيان الحقيقة له، فإن أصَرَّ فهو كافِرٌ.
الطائفة الثانية المخالِفَة: المُعَطِّلَة الجاحِدَة، الذين يقولون: إنَّ الله تعالى ليس فوقَ ولا تحتَ، ولا يَمين ولا شمالَ، ولا متَّصل ولا مُنْفَصل؛ فهؤلاء وصَفوا الله بالعَدَمِ، كما قال محمود بن سُبُكْتِكِينَ ﵀ لابن فَوْرك لمَّا قال: إنَّ الله لا موجود ولا معدوم .. إلخ، قال له محمود بن سُبُكتِكِينَ: إنَّكَ وصفْتَ الله تعالى بالعَدَم (١).
وصدق؛ لو أردنا أن نصف معدومًا ما وجدنا أشدَّ إحاطَةً من هذا الوَصْفِ بالمعدوم.
_________
(١) انظر: درء تعارض العقل والنقل (٦/ ٢٥٣).
1 / 23