تفسير العثيمين: الزمر

محمد بن صالح العثيمين ت. 1421 هجري
118

تفسير العثيمين: الزمر

الناشر

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٦ هـ

مكان النشر

المملكة العربية السعودية

تصانيف

يُحِبُّه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطِنَة والظَّاهِرَة" (١) وقوله: ﴿مُخْلِصًا﴾ حالٌ من فاعل ﴿أَعْبُدَ﴾ أي حالَ كَوْني مُخْلِصًا لله من الشِّرْك، لأنَّ الإخلاص يعني التَّنْقِيَة من الشِّرك؛ لأنَّ العمل إذا شابه الشِّرْك أفسده وأبطله؛ قال الله تعالى في الحديث القُدُسِيِّ: "أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِيَ غَيْرِي ترَكْتُهُ وَشِرْكَهُ" (٢). وقوله: ﴿مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ﴾ قال ﵀: [مِنَ الشِّرْك]، والمراد بـ ﴿الدِّينَ﴾ هنا: العمل الذي يفعله الإنسان لِيُدَان به، وأما عَمَلٌ لا يُؤمِّل أن يُدانَ به فهذا لا يُسَمَّى: (دِينًا) وإن كان عَمَلًا، لا بد أن يكون عامِلًا من أجل أن يُدانَ بهذا العمل. يقول ﷿: ﴿مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ﴾، وتقدَّم كثيرًا أنَّ الدِّينَ يُطْلَق على العمل ويطلق على الجَزَاء، ففي قوله تعالى: ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ [الفاتحة: ٤]: أي الجزاء؛ وفي قوله: ﴿لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ﴾ [الكافرون: ٦]؛ أي: العمل. من فوائد الآية الكريمة: الْفَائِدَة الأُولَى: أنَّ الإنسانَ مأمورٌ بأن يُعْلِنَ ما أمر الله به من عبادَتِهِ؛ لقوله تعالى: ﴿أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ﴾ ولهذا فائدتان: الفائِدَة الأولى: الحَثُّ على اتِّباعِه في هذا. والفائِدَة الثَّانية: بيانُ اسْتِحْقاق الله ﷾ لذلك، وأنه هو المُسْتَحِقُّ أن يُعْبَد وحده ﴿إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا﴾.

(١) مجموع الفتاوى (١٠/ ١٤٩). (٢) أخرجه مسلم: كتاب الزهد، باب من أشرك في عمله غير الله، رقم (٢٩٨٥)، من حديث أبي هريرة ﵁.

1 / 122