تفسير العثيمين: الزمر
الناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٦ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
الآية (١١)
قَالَ اللهُ ﷿: ﴿قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ﴾ [الزمر: ١١].
ثم قال تعالى: ﴿قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ﴾ قوله: ﴿قُلْ﴾ يعني: يا محمد.
قوله: ﴿إِنِّي أُمِرْتُ﴾ أي: أمرني ربِّي، وهذه الصيغة تأتي بالبناء للمَجْهول؛ لأنَّ الفاعل معلومٌ، وهذا يُشْبِهُ حديث ابن عباس ﵄ أنَّ الرَّسول ﷺ قال: "أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ" (١)؛ (أُمِرْتُ) لأنَّ الآمِرَ معلومٌ، وهو الله.
فقوله: ﴿قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ﴾، وجاءت بكلمة ﴿أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ﴾ للإشارة إلى مقامِ النَّبِي ﷺ، وأنه عَبْدٌ يُؤْمَر ويُنْهَى، وليس له من حَقِّ الربوبِيَّة شَيءٌ.
وقوله: ﴿أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ﴾ أي: أتذَلَّلَ له، والعبادة تطلق على مَعْنيينِ:
المعنى الأول: التَّذَلُّل لله الذي هو فِعْل العابِدِ.
والمعنى الثاني: المُتَعَبَّد به، وهي العبادات على جميع أنواعها، وعلى هذا المعنى يكون تعريفُ شيخِ الإسلام ابن تَيْمِيَةَ العبادةَ في قوله: "العبادةُ اسْمٌ جامِعٌ لكلِّ ما
(١) أخرجه البخاري: كتاب الأذان، باب لا يكف ثوبه في الصلاة، رقم (٨١٦)، ومسلم: كتاب الصلاة، باب أعضاء السجود والنهي عن كف الشعر والثوب، رقم (٤٩٠)، من حديث ابن عباس ﵄.
1 / 121