325

تفسير العثيمين: الشورى

الناشر

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٧ هـ

مكان النشر

المملكة العربية السعودية

تصانيف

وتأتي زائدةً كما في قولِ الشَّاعِرِ:
بني غُدانَةَ ما إن أنتم ذهبٌ ... ولا صَرِيفٌ ولكن أنتم الخزفُ (^١)
(بني غُدانةَ ما إن أنتم ذهب): هذه (إن) زائدةٌ؛ لأنَّها لو حُذِفَتْ لاستقام الكلامُ، لو قيل: بني غُدانةَ ما أنتم ذهب، استقام الكلامُ فهي زائدةٌ.
وتأتي مخفَّفةً من الثقيلةِ بمعنى: أنْ تكونَ هي بمعنى (إنَّ) ولكن خُفِّفَتْ، وفي هذه الحالِ يكونُ اسمُها ضميرَ الشأنِ محذوفًا، والجملةُ الَّتي بعدها تكونُ خبرًا.
هذه أربعة معانٍ لـ (إِنْ).
﴿إِنْ﴾ بمعنى (ما) ﴿عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ﴾ يعني: ما عليك إلَّا البلاغُ وقد بَلَّغَ البلاغَ المُبِينَ وتَعِبَ في ذلك تعبًا عظيمًا، وأُوذِيَ في ذلك أذًى عظيمًا ومع ذلك فهو صابرٌ مُحْتَسِبٌ؛ لأنَّه - صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِهِ وسلَّمَ - يَعْلَمُ أنَّ ما أصابه في ذاتِ اللهِ فهو خيرٌ ورِفْعَةٌ، جاهدَ في اللهِ حقَّ جِهادِه وبلْغَ الرِّسالةَ غايةَ البلاغِ، وأُوذِيَ على ذلك ولكنَّه صَبَرَ، وكان يقولُ:
هل أنتِ إلا إصبعٌ دَمِيتِ ... وفي سبيلِ اللهِ ما لَقِيتِ (^٢)
قال المفسِّرُ ﵀: [وهذا قبل الأمْرِ بالجهادِ] إذن فالآيةُ على كلامِ المفسِّرِ منسوخةٌ.

(^١) انظره في: أوضح المسالك (١/ ٢٦٦)، وشرح الأشموني (١/ ٢٥٤)، وهمع الهوامع (١/ ٤٤٩)، غير منسوب.
(^٢) أخرجه البخاري: كتاب الجهاد، باب من ينكب في سبيل الله، رقم (٢٨٠٢)، ومسلم: كتاب الجهاد والسير، باب ما لقي النبي ﷺ من أذى المشركين، رقم (١٧٩٦)، من حديث جندب بن سفيان ﵁.

1 / 329