246

تفسير العثيمين: الشورى

الناشر

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٧ هـ

مكان النشر

المملكة العربية السعودية

تصانيف

الآية (٣٠)
* * *
* قَالَ اللهُ ﷿: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾ [الشورى: ٣٠].
* * *
قَوْلُهُ: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ﴾ هذه شَرْطِيَّةٌ. أَعْنِي ﴿وَمَا﴾ جَوَابُهَا ﴿فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ﴾.
وقَوْلُهُ: ﴿فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ﴾ خَبَرُ مبتدأٍ مَحْذُوفٍ والتَّقْديرُ: فهو بما كَسَبَت أيديكُم.
يقولُ المفَسِّرُ ﵀: [﴿وَمَا أَصَابَكُمْ﴾ خطابٌ للمؤمنين ﴿مِنْ مُصِيبَةٍ﴾] بيانٌ لِـ (ما) [بَلِيَّةٌ وَشِدَّةٌ ﴿فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ﴾؛ أي: كَسَبْتُم من الذُّنوبِ، لكنه عَبَّرَ بالأيدي لأنَّ أَكْثَرَ الأفعالِ تُزَاوَلُ بها ﴿وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾ مِنْها، فلا يُجَازِي عليه، فهو تعالى أَكْرَمُ من أن يُثَنِّيَ الجزاءَ في الآخِرَةِ، أمَّا غَيْرُ المُذْنِبِينَ فما يصيبُهُم في الدُّنْيا لرفْعِ درجاتِهِم في الآخِرةِ].
يقُولُ ﷿: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ﴾ خَصَّ المفَسِّرُ هذا بالمؤمنين، ووجْهُ التَّخْصِيصِ أنَّه قال: ﴿وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾ والكُفَّارُ ليسوا أهلًا للعفْوِ، وقولُهُ ﵀: [﴿مِنْ مُصِيبَةٍ﴾ بَلِيَّةٌ وشِدَّةٌ]، ويشْمَلُ المصائبَ الدِّينيَّةَ والمصائِبَ الدُّنْيويَّةَ، وأعْظَمُهَما المصائبُ الدِّينيَّةَ، فإنها أَعْظَمُ من المصائِبِ الدُّنْيويَّةِ، فإذا قُدِّرَ أن أحدًا

1 / 250