تفسير العثيمين: الشورى
الناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٧ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
الآية (٢٠)
* * *
* قَالَ اللهُ ﷿: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ﴾ [الشورى: ٢٠].
* * *
قوله: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ﴾ لا يخفى علينا جميعًا من حيث الإعرابُ أنَّ (مَنْ) هنا شرطيَّةٌ. والدليلُ قولُهُ: ﴿نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ﴾ حيثُ جاء الجوابُ مجذومًا، وهذا فيه: أنَّ فِعْلَ الشرطِ يكونُ ماضيًا، والجوابُ يَكُونُ مضارعًا؛ لقولِهِ: ﴿مَنْ كَانَ﴾ الجوابُ: ﴿نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ﴾ وكذلك بالعكس قد يكونُ فعلُ الشرطِ مضارعًا والجوابُ ماضيًا. مثلَ: مَنْ يَشْكُرِ اللهَ زادَهُ اللهُ.
قال المُفسِّر ﵀: [﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ﴾ بِعَمَلِه ﴿حَرْثَ الْآخِرَةِ﴾؛ أي: كَسْبُها وهو الثوابُ ﴿نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ﴾] بالتضعيفِ فيه، الحسنةُ إلى العشرةِ أو أكثرَ. ﴿حَرْثَ الْآخِرَةِ﴾ أصلُ الحرثِ ما يُحْرَثُ للنماءِ والزيادةِ، ومنه حَرَثَ الفلاحُ الأرضَ من أجلِ أن يَزْرَعَها؛ فيكسِبَ ويزدادَ مالَهُ، وقولُهُ ﵀: [﴿حَرْثَ الْآخِرَةِ﴾ يقولُ: أي كَسْبُها وهو الثوابُ ﴿نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ﴾] فَسَّرَ المُفسِّر ﵀ زيادةَ الحَرْثِ بزيادةِ الثوابِ؛ الحسنةُ بعَشْر أمثالهِا إلى سبعِ مِئةِ ضِعْفٍ، إلى أضعافٍ كثيرة، ونَزيدُ أمرًا آخَرَ؛ أي: نُؤْتِه من الدنيا والآخرةِ؛ بدليلِ قولِهِ: ﴿وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ﴾.
1 / 196