تفسير العثيمين: الشورى
الناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٧ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
الأثرُ المترتِّبُ على ذلك، فمثلًا: السميعُ يتضمنُ إثباتَ اسمِ السميعِ للهِ، وإثباتَ السمعِ له، والصفةُ معنًى زائدٌ على الذاتِ، والثَّالث: أنه يسمعُ كُلَّ شيءٍ.
وفي (الحكيمُ) نقولُ كذلك، إثباتُ الحكيمِ اسمًا للهِ، والثاني: إثباتُ الحكمةِ على أَحَدِ المعنييْن، وإثباتُ الحُكمِ على المعنى الآخرِ، والثالثُ: أن اللهَ ﷾ يَحْكُمُ بَيْنَ العبادِ، ويَحْكُمُ في العبادِ.
الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: كمالُ عزَّتِه وكمالُ حِكمتِه؛ لأنَّ اللهَ قَرَنَ بَيْنَ العزيزِ والحكيمِ؛ إشارةً إلى أن عِزَّتَهُ وغَلَبَتُه مبنيّةٌ على الحكمةِ.
فعزةُ المخلوقِ قد تُوجِبُ أن يتصرَّفَ تصرفًا سفيهًا، كما في قولِهِ ﵎: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ﴾ [البقرة: ٢٠٦]، فهنا صار له عِزَّةٌ لكنها لم تنفعْه؛ لأنَّها ليستْ مقرونة بالحكمةِ.
كذلك أيضًا حِكمةُ اللهِ ﷿ مقرونةٌ بعزَّتِه؛ لأنَّ الحكيمَ قد يكونُ خوَّارًا ليس عنده غَلَبةٌ فيَفُوتُه شيءٌ كثيرٌ، ويَفُوتُهُ الحزمُ من أجْلِ أنه يقولُ: إن ذلك هو الحكمةُ، لكنَّ حكمةَ اللهِ ﷿ مقرونةٌ بعزَّتِه؛ ولهذا نحن نستفيدُ الآنَ من قَرْنِ الأسماءِ بعضِها ببعضٍ، نستفيدُ بذلك معنًى زائدًا على ما نستفيدُهُ من مُجَرَّدِ الإسمِ.
الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: أنَّ الشرائعَ التي أُوحيتْ إلى الرُّسُلِ عزةٌ وحكمةٌ، قال اللهُ ﵎: ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [المنافقون: ٨]، وقال اللهُ تعالى: ﴿وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ﴾ [النساء: ١١٣]، فمن تَمَسَّكَ بهذه الشرائعِ نال الأمْرَيْنِ جميعًا، وهما مجتمعانِ وهما: العزةُ والحكمةُ والحُكمُ أيضًا.
* * *
1 / 22