144

تفسير العثيمين: الشورى

الناشر

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٧ هـ

مكان النشر

المملكة العربية السعودية

تصانيف

"لا معنى" ما ذهب إليه أهلُ التحريفِ الذين يجعلون لآياتِ الصفاتِ معنًى يُعَيِّنُونَهُ هم؛ لأنَّه قال: "لا كَيْفَ" ردًّا على المُمَثِّلَةِ "ولا معنى" ردًّا على المُعَطِّلَةِ.
فالمرادُ بالمعنى الذي نفاه الإمامُ أحمدُ، وتَبِعَهُ ابنُ قُدَامَةَ (^١) رَحَمَهُمَا اللَّهُ المرادُ به المعنى الذي ابتكره هؤلاء المُعَطِّلَةُ.
ونحن نقولُ: إنَّ اللهَ تعالى أضاف الكلامَ إلى نفْسِه، وقال: ﴿وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا﴾ [النساءِ: ١٦٤]، وأكَّدَ ذلك بقولِهِ: ﴿تَكْلِيمًا﴾ أثبتتِ الأدلَّةُ أنَّه يُكَلِّمُ من شاء من خَلْقِهِ، فما الذي يجعلُنا نُحَرِّفُ، وأيُّهُما أحقُّ بالكمالِ، إلهٌ يتكلَّمُ متى شاء بما شاء، وإلهٌ لا يتكلَّمُ؟
الجوابُ: الأوَّلُ؛ بل الثاني لا يستحقُّ أن يكون إلهًا؛ ولهذا قال إبراهيمُ: ﴿يَاأَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا﴾ [مريمَ: ٤٢].
إذن: من قولِهِ: ﴿وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ﴾ نستفيدُ إثباتَ الكلامِ للهِ ﷿.
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: حِكْمَةُ اللهِ ﷿ بتأخيرِ العقوبةِ عن العصاةِ، ومن الحُكْمِ في هذا أن اللهَ ﷿ يُمْهِلُهُم لَعَلَّهُم يستعتبون، ولذلك قال: ﴿وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾ [فاطرٌ: ٤٥].
الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: أن الدنيا لها حدٌّ؛ لقولِهِ: ﴿مُسَمًّى﴾؛ أي: مُعَيَّنٌ محدودٌ، كما قال ﷿: ﴿وَمَا نُؤَخِّرُهُ﴾؛ أي: العذابَ ﴿إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ﴾.
الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: أنَّ الذين أُورثوا الكتابَ من بعدهم في شكٍّ منه مُريبٍ،

(^١) انظر: لمعة الإعتقاد (ص: ٦ - ٧)، وذم التأويل (ص: ٢٢).

1 / 148