تفسير العثيمين: النمل
الناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٦ هـ - ٢٠١٥ م
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
الآية (١١)
* * *
قَالَ اللهُ ﷿: ﴿إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [النمل: ١١].
* * *
قَالَ المُفَسِّر ﵀: [﴿إِلَّا﴾ لكِن ﴿مَنْ ظَلَمَ﴾ نفسَه ﴿ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا﴾ أتاه ﴿بَعْدَ سُوءٍ﴾ أي: تاب ﴿فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ أَقْبَلُ التوبةَ وأَغْفِر له].
قَدْ يَقُوُل قَائِلٌ: سبحان الله العظيم! ما لهَذِهِ الجملة وللكلام الَّذِي قيل ﴿إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ﴾؟
فنَقُول: إن موسى ﵊ لمّا قَالَ الله له: ﴿إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ﴾ لعلَّه تذكر أَنَّهُ قد وقعَ مِنه خطيئةٌ، والخطيئةُ أَنَّهُ قتل نفسًا، وكأنه عندما يَتَذَكَّر هَذَا قد يَستبعِد فِي نفسه أن يَكُونَ من الرُّسُل، فقَالَ اللهُ ﷾: ﴿إِلَّا مَنْ ظَلَمَ﴾ لِيُذَكِّرَهُ بما مَنَّ به عليه منَ التوبةِ، ﴿ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ﴾، ﴿بَدَّلَ﴾ المُفَسِّر فَسَّرَهَا بِقَوْلِهِ: أتى حُسْنًا؛ لِأَنَّ ظاهره فِي الحقيقةِ لا يَستقيم به المَعْنى: (بَدَّلَ حُسنًا بسوء) أيّهما المأخوذ؟ فـ ﴿بَدَّلَ﴾ تدل عَلَى أن هناك بَدَلًا ومُبْدَلًا منه، فإذا قلتَ: بدَّل حسنًا بسُوء؛ يصير الحُسْن مَدْفُوعًا والسوءُ مأخوذًا.
قولك: بدَّلْتُ ثَوْبي بثَوْبِك، فالمَأْخوذ هُو الأَخِير. فهنا ﴿بَدَّلَ حُسْنًا﴾ لو أخذنا بظاهرها فمعناه أَنَّهُ ترك حسنًا وأخذ سوءًا، ولهَذَا فسَّر المُفَسِّر قوله: ﴿بَدَّلَ﴾ بـ (أتَى).
1 / 72