تفسير العثيمين: الشعراء
الناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٦ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
الآية (١٣)
* * *
* قالَ اللهُ ﷿: ﴿وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلَا يَنْطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ﴾ [الشعراء: ١٣].
* * *
قَالَ المُفَسِّر ﵀: [﴿وَيَضِيقُ صَدْرِي﴾ مِن تَكْذِيبِهِم لي]، قوله: ﴿وَيَضِيقُ صَدْرِي﴾ فيه إشكالٌ، حيث رُفع معَ أَنَّهُ يلي المنصوب: ﴿أَنْ يُكَذِّبُونِ﴾ لِأَنَّ (أنْ) هَذِهِ مصدريَّة، و(يُكَذِّبُونِ) منصوبة بِهَا بحذفِ النونِ، والنونُ الموْجودةُ للوقايةِ، وأصلها: يكذبونني، ثم حُذِفت النون الأُولى للناصبِ، وحُذفت الياء للتخفيفِ، لكن قَالَ: ﴿وَيَضِيقُ صَدْرِي﴾ ولم يقلْ: "ويضيقَ صدري".
والجَواب أنّ (الواوَ) عاطفةٌ عَلَى قوله: ﴿إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ﴾، يقول: أنا أخاف أن يُكذِّبوني وأخافُ أن يضيقَ صدري ولا يَنطلِق لِساني بتكذيبهم.
و﴿أَنْ يُكَذِّبُونِ﴾ لا تعدو أن تكونَ مفعولًا به، مثل: ضربتُ زيدًا وأكرمتُه.
قال تعالى: ﴿وَيَضِيقُ صَدْرِي﴾، وضِيق الصَّدرِ: عدمُ انشِرَاحِهِ وانبساطِهِ، وهذا أمرٌ فِطريٌّ أن الْإِنْسَان إذا خُولِفَ فسوف يَضيق صدرُه، كما كَانَ الرسول ﵊ يَضيق صدرُه، ولكن الله تعالى يُسَلّي رُسُلَه، لِئلَّا تَضيقَ صُدُورُهم، ولا يَحْزَنُوا عَلَى هَؤُلَاءِ المكذِّبين؛ لِأَنَّ لهم يومًا يحاسبهم الله تعالى فيه والرُّسُل يُبَلِّغون فقطْ.
1 / 44