تفسير العثيمين: الحجرات - الحديد
الناشر
دار الثريا للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٥ هـ - ٢٠٠٤ م
مكان النشر
الرياض
تصانيف
تعيش حميدًا، وتُقتل شهيدًا، وتدخل الجنة؟» (^١) قال: بلى رضيت، فقُتل ﵁ شهيدًا في وقعة اليمامة، وعاش حميدًا، وسيدخل الجنة بشهادة الرسول ﵊ ولذلك كان ثابت ﵁ ممن يُشهد له بأنه من أهل الجنة بعينه؛ لأن كل إنسان يشهد له النبي ﷺ بأنه في الجنة فهو في الجنة، وكل إنسان يشهد له بأنه في النار فهو في النار، وأما من لم يشهد له الرسول ﷺ فنشهد له بالعموم، فنقول: كل مؤمن في الجنة، وكل كافر في النار، ولا نشهد لشخص معين بأنه من أهل النار، أو من أهل الجنة إلا من شهد له الله تعالى ورسوله ﷺ.
ففي هذه الآية الكريمة بيان تعظيم الرسول ﷺ، وأنه لا يجوز للإنسان أن يجهر له بالقول كجهره لسائر الناس، وأنه لا يجوز له أن يرفع صوته على صوت الرسول ﵊ ولما نزلت هذه الآية تأدَّب الصحابة ﵃ بذلك حتى كان بعضهم يكلمه مسارَّة ولا يفهم الرسول ﷺ ما يقول من إسراره، حتى يستثبته مرة أخرى، وفي هذه الآية دليل على أن كل من استهان بأمر الرسول ﵊ فإن عمله حابط؛ لأن الاستهانة بالرسول ﵊ ردَّة، والاستهزاء به ردَّة كما قال الله تعالى في المنافقين الذين كانوا يستهزئون برسول الله ﷺ: ﴿ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب﴾ وكانوا يقولون: ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء - يعنون الرسول ﷺ
(^١)
_________
(^١) أخرجه الإمام أحمد (٣/١٣٧) والحاكم في المستدرك (٢٣٤٣) وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي. وأصل القصة في صحيح مسلم.
1 / 18