تفسير العثيمين: الحجرات - الحديد
الناشر
دار الثريا للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٥ هـ - ٢٠٠٤ م
مكان النشر
الرياض
تصانيف
الإجابة، كما قال تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم﴾ وهنا قال: ﴿ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون بعضكم لبعض﴾ كذلك أيضًا لا تنادونه بما تتنادون به، فلا تقولون: يا محمد، ولكن قولوا: يا رسول الله، يا نبي الله، وما أشبه ذلك.
﴿أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون﴾ يعني كراهة أن تحبط أعمالكم، والمعنى إنما نهيناكم عن رفع الصوت فوق صوته، وعن الجهر له بالقول كجهر بعضكم لبعض كراهة أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون، ففي هذا دليل على أن الذي يرفع صوته فوق صوت النبي ﷺ، أو يجهر له بالقول كجهره لبعض الناس، قد يحبط عمله من حيث لا يشعر؛ لأن هذا قد يجعل في قلب المرء استهانة بالرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، والاستهانة بالرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم ردَّة عن الإسلام توجب حبوط العمل، ولما نزلت هذه الآية كان ثابت بن قيس بن شماس ﵁ جهوري الصوت، وكان من خطباء النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فلما نزلت هذه الآية تغيَّب في بيته وصار لا يحضر مجالس النبي ﷺ، فافتقده الرسول ﷺ وسأل عنه فأخبروه أنه في بيته منذ نزلت الآية، فأرسل إليه رسولًا يسأله، فقال: إن الله تعالى يقول: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصوتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون﴾ .
وإنه قد حبط عمله، وإنه من أهل النار، فدعاه الرسول ﷺ فحضر، وأخبره النبي ﷺ أنه من أهل الجنة، وقال: «أما ترضى أن
1 / 17