تفسير العثيمين: العنكبوت

محمد بن صالح العثيمين ت. 1421 هجري
62

تفسير العثيمين: العنكبوت

الناشر

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٦ هـ

مكان النشر

المملكة العربية السعودية

تصانيف

الآية (١٦) * * * * قالَ اللَّه ﷿: ﴿وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [العنكبوت: ١٦] * * * قوله تعالى: ﴿وَإِبْرَاهِيمَ﴾ مفعولٌ لفِعلٍ محذُوفٍ تَقديرُهُ (اذْكُرْ)، والفَائِدةُ من حذْفِ العامِلُ هو الاختصارُ وبيانُ الاهتمامِ بالمعمولِ، فهُنا حُذِفَت (اذكر) اختصارًا واهتمامًا بالمعمولِ وهو (إبراهيمُ) ليبْدَأ به أوَّلًا. وإبراهيمُ ﵇ كلنا يَعْرفُ أنه ثاني أُولِي العَزمِ من الرسلِ الَّذين أولهُم محمَّدٌ ﷺ، واختَلفُوا أيهما أفْضلُ -أعني نوحًا وعِيسى- والأَوْلى أن يُقالَ: لكلٍّ منهما مَزِيَّة، أما الثلاثةُ محمَّدٌ ثم إبراهيمُ ثم مُوسى، فإذا متَّفَقٌ عليه، أي: على التَّرتِيبِ. وقد ابتَلاهُ اللَّه تعالى بأمَرْين: أحدهما: في الدَّعوةِ إلى اللَّهِ. والثاني: في أعزِّ محبوبٍ إليه. أما في الدَّعوةِ إلى اللَّهِ فإن اللَّه ابتَلاهُ بأن سلَّط عليه قومَه ليَحْرقُوهَ، والنتيجةُ أن اللَّه أنْجاهُ مِنَ الموتِ، وقال للنَّارِ: ﴿كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ﴾ [الأنبياء: ٦٩]. أما الأمرُ الثَّانِي: فهو في أعزِّ الأشياءِ إليه، وهو ابنه حين بلَغَ السَّعْي، وهو وَحيدُهُ وأوَّلُ أولادِه، وهو إسماعيلُ على القولِ الصَّحِيحِ، ابتلاهُ اللَّهُ ﷿ بأنْ أَمرَ بذَبْحِهِ، بل أمْرُهُ بأن يَذْبَحَه هو، فاستَسْلَمَ لهذا الأمرِ وامتَثَلَ، والقِصَّةُ معروفةٌ،

1 / 66