تفسير العثيمين: العنكبوت
الناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٦ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
قوله: ﴿بِمَا﴾ للسَّبَبِيَّة، و(ما) أعْربَها على أنها اسم موصولٌ ثم قَدَّرَها بالمصَدْرِ، مما يَدُلُّ على أنه جعَلَهَا مصدَرِيَّةٌ وهذا من الغرائبِ.
فعلى التَّقديرِ الأوَّلِ ﴿بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ﴾ قال المُفَسِّر ﵀: [بالفِعْلِ الذي كانُوا يَفْسُقونَ بِهِ] فتكونُ (ما) اسمًا موصولًا صِفَةً لموصوفٍ محذُوفٍ تقدِيرُه: بالفعلِ، والاسمُ الموصولُ يحتاجُ إلى جملةٍ تكون صِلَةً، ويحتاجُ إلى عائدٍ يربِطُ الجملة بِهِ، أعنْي: جملةَ الصِّلَةِ، وهي قولُه: ﴿بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ﴾، والعائدُ قدَّرَهُ بقولِهِ: بِهِ.
وهذا خلافُ المشهور عندَ النَّحْوِيِّينَ من أنه إذا كانَ العائدُ مجرورًا، فلا بُدَّ أن يكونَ مُوافِقًا لاسم الموصول في نَوعِ العاملِ وفي نَوعِ حرفِ الجرِّ.
والشاهدُ من كَلامِ ابنِ مالكٍ ﵀ في اشتِراطِ هذا الشيء قوله (^١):
كَذَا الَّذِي جُرَّ بِمَا المَوْصُولَ جُرّ ... كَـ (مُرَّ بِالَّذِي مَرَرْتُ فَهْوَ بَرّ)
فقال: كَـ (مُرَّ بِالَّذِي مَرَرْتُ فَهْوَ بَرٌّ)، وهنا اختلفَ العامِلُ، فالصحيحُ أن (ما) هنا مَصْدَرِيَّةٌ، أي: بكونِهم يَفْسُقونَ فهي مَصْدَرِيَّةٌ وليست موصولةً.
وقوله: ﴿يَفسُقُونَ﴾ الفِسْقُ في الأصل: هو الخُروجُ عن الطَّاعَةِ، ومِنْهُ قولهم: (فَسَقَتِ الثَّمرةُ) إذا خَرجتْ مِنْ قِشْرِهَا.
وينقَسِمُ الفِسْقُ إلى قِسمَيْنِ:
* فسقٌ أكْبَرُ مخرِجٌ عَنِ المِلَّةِ.
* وفِسقٌ أصغَرُ لا يُخرِج عَنِ المِلَّةِ.
(^١) البيت رقم (١٠٤) من ألفيته.
1 / 172