تفسير العثيمين: العنكبوت
الناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٦ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
(الآية: ٣٤)
* * *
* قالَ اللَّه ﷿: ﴿إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ﴾ [العنكبوت: ٣٤]
* * *
قَال المُفَسِّر ﵀: [﴿إِنَّا مُنْزِلُونَ﴾ بالتَّخْفِيفِ والتَّشْدِيدِ]: أي: "مُنَزِّلُوْنَ"، و(مُنْزِلون) (^١).
قوله ﵀: [﴿مُنْزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزًا﴾ عَذَابًا]: والرِّجْزُ غيرُ الرجْسِ، الرَّجْزُ بالزَّاي: هو العَذابُ، والرِّجْسُ النَّجَسُ.
قوله: ﴿مِنَ السَّمَاَءِ﴾، هل المرادُ بالسماءِ السَّقْفُ المحفوظُ أو العُلُوُّ؟
قد يُرادُ هنا المعنَيانِ؛ لأن استعمالاتَ السماءِ للسَّقْف المحفوظِ كثيرةٌ، وكذلك السماء بمعنَى العُلُوِّ كثيرٌ، وسواء قُلْنَا: إنه السَّقْفُ المحفوظُ وأن هذا العذابَ نَزَلَ مِنَ السماءِ الدُّنَيا، أو قلنا: إن المرادَ به العُلُوُّ؛ على كِلا الحالَينِ العذابُ أتاهُمْ من فَوق، وكونُه يأتِي مِنْ فوقَ أشَدُّ وأبْلَغُ؛ لأن ما يأتي مِن فوق يكونُ عاليًا ومحيطًا -والعياذ باللَّه- بخلافِ الذي يأتي من أسفلَ فإنه لا يكونُ كذلِكَ.
قَال المُفَسِّر: [﴿رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ﴾ بالفِعْلِ الَّذي ﴿بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ﴾ بِه، أي: بِسَبَبِ فِسْقِهِمْ]: وكلامُ المُفَسِّر ﵀ غريبٌ وفيه شيء مِنَ التَّنَاقُضِ، الباءُ في
(^١) انظر: "النشر في القراءات العشر" (٢/ ٣٤٣).
1 / 171