تفسير العثيمين: الأنعام
الناشر
دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢ م
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
المُطعِم لا مطعم سواه، وينبني على هذه الفائدة ألا نسأل الإطعام إلا من الله ﵎، ولو أننا - ونستغفر الله ونتوب إليه - تمسكنا بهذا مع التوكل على الله والاستعانة به لكان رزقنا مضمونًا، لقول الله ﵎: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (٢) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾ [الطلاق: ٢، ٣] لكن غلبت علينا الأمور المادية الحسية، فصار الإنسان - مع الأسف - يعتمد على الأسباب أكثر مما يعتمد على المسبِّب ﷿ وفي الحديث عن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -: "لو أنكم توكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصًا"، أي: تذهب في أول النهار جائعة "وتروح بطانًا ترجع في آخر النهار" (^١).
الفائدة السابعة: أن الله لا يطعمه أحد؛ لعدم حاجته إلى الطعام، وعدم حاجته إلى غيره؛ لأنه لا يحتاج للطعام، وأيضًا لأنه لا يحتاج إلى غيره، فهو غني عن كل من سواه وكل من سواه مفتقر إليه.
الفائدة الثامنة: وجوب إعلان النبي ﷺ عن نفسه أنه أول من أسلم؛ لقوله: ﴿قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ﴾، يعني: من هذه الأمة وهذا الذي وقع.
الفائدة التاسعة: أن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - محتاج إلى الإسلام، وليس له حق في الربوبية، كما صرح بذلك ﵊ حيث دعا عشيرته الأقربين، وجعل يناديهم بأسمائهم، يا فلان بن فلان إلى أن وصل إلى بنته فقال: "يا فاطمة
(^١) تقدم تخريجه (ص ٦٧).
1 / 78